بعض ما خلف الانقسام- رئيس التحرير
قد تستغربون.. في شريط " فيديو " اوجعني المسلح الحمساوي الذي كان يقف " سدا " بتجهم شديد، امام الصراف الالي لاحد بنوك غزة، ليمنع المواطنين من الاقتراب من هذا الصراف الذي لا يعرف شيئا عن الاحزاب والسياسة، اوجعني مشهد هذا المسلح، اكثر مما اوجعتني المرأة التي كانت تقف امامه وهي لم تكن تصرخ فحسب ضد وقفته ومعنى هذه الوقفة المشينة، بل وتنوح ايضا، ليسمح لها بسحب راتب زوجها الشهيد، ولأن بيتا دخله المادي الوحيد هو الراتب سريعا ما يجوع اذا ما تاخر هذا الراتب، اوجعني هذا المسلح بتجهمه وعدم اكتراثه لصراخ هذه المرأة ونواحها، وحين تشاهد بشرا وتجرد الى هذا الحد من انسانيته، فهذا امر يوجع القلب ويرهقه، ألهذا الحد كان الانقسام مرضا خبيثا التهم باورام اوهامه تلك الروح الانسانية واسقط كل قيم المحبة والتعاطف والحنو، عند هؤلاء المسلحين الذين وقفوا سدودا امام البنوك والصراريف الالية، نحن اذاً امام مهمة كبرى في المصالحة ان نعيد تلك الروح وتلك القيم الى كل من اصابه الانقسام بأورامه الخبيثة، ومن هنا تبدا المصالحة الاجتماعية، نريد للقلوب ان تعود بيوتا للمحبة والتسامح برحابة الحق والعدل والروح الوطنية، وليست كهوفا للحقد والكراهية التي طالما غذتها تنظيرات التعالي الحزبية. لا نريد قساة بيننا من هذا النوع ولا من اي نوع يسقط تلك الروح الانسانية، التي اذا ما رأت دمعة على خد مظلوم بكت فكيف والمظلوم هنا امراة هي زوجة شهيد ولا تريد شيئا سوى حقها في راتب زوجها الشهيد لتطعم عياله الذين باتوا امانة في عنقها.
هل نام ذاك المسلح ليلته..؟؟ وان كان خوفه من الجوع حقيقيا هو الذي جعله ذاك " السد " المنيع بوجه امراة تنوح من اجل لقمة الخبز، فان تجويع الاخرين لن يسد له رمقا، ولأن الشيء بالشيء يذكر فاننا ضد هذا المبدأ حتى في القصيدة ولهذا لم نعجب بأبي فراس الحمداني حينما قال في رومياته: اذا مت ضمآناً فلا نزل القطر. لسنا مع هذه الروح ولن نكون معها ابدا مهما كلف الامر.