نتنياهو في متاهته- رئيس التحرير*
الأصل في التخبط السياسي الراهن لرئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، والذي تجلى بالامس في كلمته المقتضبة عن "حادثة" المستوطنين الثلاثة الغامضة، وهو يحمل السلطة الوطنية المسؤولية عن هذه "الحادثة" في الوقت الذي لا يعلم هو علم اليقين من الذي اخفى هؤلاء المستوطنين ولأي هدف او غاية، ولأنه ما من بيان من اية جهة كانت قالت شيئا بهذا الشأن، لكن رئيس الحكومة الاسرائيلية يريدها "عنزة ولو طارت " لطالما ان ذلك قد يسجل ولو نقطة واحدة ضد السلطة الوطنية والرئيس ابو مازن الذي سجل الكثير من النقاط ضد نتنياهو وسياسته المناهضة لعملية السلام في الآونة الاخيرة، وبمصداقية العمل السياسي الواضح والصريح، والموقف الوطني الصلب.
نقول الاصل في هذا التخبط السياسي لنتنياهو يعود الى فشله في وقف قطار المصالحة الوطنية الذي انطلق من محطة انهاء الانقسام بتشكيل حكومة الوفاق الوطني.
وبعد الموقف الدولي، الامريكي، الاتحاد الاوروبي، روسيا، الامم المتحدة والجامعة العربية، المؤيد لهذه الحكومة، والذي بات يتسع اكثر واكثر في وضوحه السياسي، لا في تأييده لهذه الحكومة فقط بل وفي تأكيده التعامل معها ودعمها لتنجح في مهامها ومهمتها، واحدث تجليات هذا الموقف المكالمة الهاتفية للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع الرئيس ابو مازن قبل يومين، والتي ذهب خلالها الرئيس الفرنسي الى ابلغ واوضح عبارات الدعم والتأييد لسياسة وقرارات الرئيس ابومازن بشأن المصالحة وتشكيل حكومة الوفاق الوطني والانتخابات المقبلة، التي ستعزز الموقف الفلسطيني، وتزيده قوة في جميع المجالات ومع المجتمع الدولي حسب تعبيرات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.
نقول بعد هذا الموقف الدولي الداعم لحكومة الوفاق الوطني، بات واضحا، وفي اللحظة الراهنة اكثر من اية لحظة اخرى، ان رئيس الحكومة الاسرائيلية فقد توازنه السياسي بل انه بات يخرج عن طوره في هذا السياق ليعود الى حيل السياسة الاسرائيلية التقليدية في تصدير ازماتها تجاه الساحة الفلسطينية، خاصة وان ساحته لم تعد متماسكة معه كما يريد وتحديدا بشأن حكومة الوفاق الوطني، فثمة موقف من داخل اسرائيل لرئيسها المنتهية ولايته شيمون بيرس، يرى في حكومة التوافق الوطني "فكرة جيدة" وهو ما يعد ضربة موجعة لنتنياهو، بل هناك موقف اسرائيلي اوضح لمنتدى منظمات السلام في اسرائيل الذي ابرق للرئيس ابو مازن مهنئا بتشكيل حكومة الوفاق الوطني التي "تستجيب للشرعية الدولية ومتطلبات وجود الشريك الفلسطيني" ولربما تبدو هذه المواقف متواضعة الآن في تأثيراتها السياسية على موقف الحكومة الاسرائيلية، لكنها بالقطع تدفع باتجاه عزلة نتنياهو ليكون ولو بعد حين، وحيدا في متاهته، ليكتب احداث ايامه الاخيرة، كجنرال الروائي الكولومبي الراحل ماركيز في رائعته "الجنرال في متاهته" لكن بالقطع فان نتنياهو لا يشبه بطل رواية ماركيز في شيء ولا يتقاطع معه إلا في مصير العزلة والمتاهة التي قالت بالامس خطابها في كلمته المقتضبة.
*كلمة الحياة الجديدة