على المالكي الرحيل - عمر حلمي الغول
نوري المالكي، رئيس وزراء العراق، ساهم بشكل مباشر ومن يقف خلفه من ايرانيين واميركان في تعميق الصراعات الطائفية والمذهبية والاثنية. كما انه بدعم من القوى المذكورة مارس البلطجة الارهابية، وانفرد بالحكم، وعزل كل من عارضه او شعر انه شكل او يمكن ان يشكل خطر غلى بقائه في سدة الحكم؛ مما فاقم من حجم الازمات داخل العراق، أضف الى انه خلق فجوة بين النظام السياسي العراقي والبلدان العربية الشقيقة عموما وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، التي لعبت دورا اساسيا في وصوله وامثاله للحكم.
السياسات الطائقية والمذهبية، وسياسات الاقصاء والعزل، والاستئثار بالحكم عبر التزوير مرة، وعبر الارهاب مرة اخرى، والتبعية لايران والولايات المتحدة، جميعها عوامل ضاعفت ازمات العراق، حتى في نطاق الطائفة الشيعية حصل تمزق وابتعاد قوى مؤثرة عن الحاكم بامره المالكي بما في ذلك المرجع الديني علي السيستاني ومقتدى الصدر وآخرين، وما ضاعف حدة الازمة والسخط الشعبي، هي الانتخابات الاخيرة، وإصرار رئيس الوزراء ومن يقف خلفه على تشكيل الحكومة الجديدة، مما دفع الامور نحو الانفجار، الذي أدى لاشتعال نيران انتفاضة شعبية في العديد من محافظات ومدن العراق في الشمال والوسط والشرق.
ومحاولات نوري المالكي إلباس الانتفاضة القائمة في العراق ثوب "داعش" والارهاب، وتجنيد البعد الطائفي والمذهبي، لن يفيد في شيء، ولن يحفظ كرسي الحكم له، لان الواقع لم يعد يحتمل بالنسبة للغالبية العراقية الوطنية، وفات الوقت على رجل ايران واميركا في الحكم. ولعل البيانات السياسية الصادرة عن قوى الانتفاضة الشعبية الوطنية والقومية والديمقراطية، تدلل على ان ما يجري لا علاقة له باي قوى طائفية، والدفاع عن بعض القوى الطائفية والقومية ومصالحها، لا يعني صبغ الانتفاضة بالطابع الطائفي.
الحل السريع الان يتمثل في : اولا انسحاب نوري المالكي من الحكم فورا؛ ثانيا تشكيل حكومة توافق وطني حقيقية، لا تخضع للتبعية الايرانية او الاميركية؛ ثالثا ازالة كل اشكال القهر والاضطهاد القومية والدينية والطائفية؛ رابعا إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية، التي جرت، لانها مزورة ولا تعكس حقيقة المزاج الشعبي العراقي؛ خامسا إعادة النظر بالدستور العراقي القائم، وتشكيل لجنة وطنية عليا لصاغة دستور جديد يتناسب مع الروح الوطنية الجامعة؛ سادسا رفض اي تدخل خارجي ايراني او اميركي تحت حجج وذرائع واهية.
وتذرع إيران بالحرص على الاماكن الدينية المقدسة للطائفة الشيعية، لا تنطلي على احد لتبرير تدخلها في العراق لدعم رجلها الفاشل، لإن إيران إختطفت مرجيعة النجف، واستبدلتها بمرجعية قم، اضف الى ان الشعب العراقي بكل مكوناته الاثنية والدينية، كفيل بحماية كل اماكن العبادة بغض النظر عن مسمياتها مسيحية ام تركمانية ام اسلامية سنية او شيعية ام لاتباع الصابئة وغيرهم من الجماعات الدينية. والولايات المتحدة لم يعد لديها القدرة على التدخل حتى لو اجتمع الكونغرس ورئيس الادارة الف مرة، لان اميركا اولا لم يعد لديها القدرة على التدخل العسكري، وثانيا هي هربت من نار الموت في العراق، وثالثا لانها شاءت وصول العراق للحظة الاحتراق الداخلي من خلال الحروب الطائفية والاثنية التفتيتية، وهي تعتبر ان ما يجري الان في العراق يصب في خدمة مخططها، مع انها تخشى عودة القوى الوطنية والقومية والديمقراطية لاستلام زمام الامور في العراق.
العراق امام منعطف سياسي وتاريخي جديد، لعل انتفاضته الحالية تمكنه من عودة الروح للعراق العربي، واحد اهم مكونات الجبهة الشرقية، والنهوض بالعراق عبر سياسة تنموية قادرة على تلبية طموحات واحلام كل العراقيين من مختلف الوان الطيف السياسي والفكري والاجتماعي.