اليقين في ليلة الشك
لم يذهب قاضي القضاة محمود الهباش الى المسجد الاقصى يوم امس الاول في زيارة تفقدية عابرة، وانما ذهب في الاساس لضرورات السيادة الوطنية، فليس مقبولا ان تعلن فلسطين على لسان قاضي قضاتها ثبوت رؤية هلال شهر رمضان الفضيل بعيدا عن القدس العاصمة وبعيدا عن ثالث المسجدين الذي تشد له الرحال.
وفي ضرورات السيادة هذه لا يكمن اصرار القيادة الفلسطينية على تكريس حضور القدس في كل مشهد ومناسبة كعاصمة لدولة فلسطين فحسب، وانما تكمن ايضا امثولة التقوى، فتجنب غضب الله سبحانه وتعالى يقتضي الصدق في العبارة والسلوك والموقف، ولطالما قلنا وسنبقى نقول ان القدس هي جوهرة الروح الفلسطينية وهي حاضرة تاريخنا وتحضرنا وحاضرة وجودنا ومستقبلنا، واننا لن نعدم الدروب للوصول اليها من اجل خلاصها من ظلم الاحتلال وظلامه.
وفي امثولة التقوى، ونحن ندخل شهر التقوى الذي هو خير من الف شهر، تكمن قيم المحبة والتآلف والتسامح والخير والكرم والنخوة، قيم الاسلام وتعاليمه الصحيحة التي فتحت الدنيا عندما كانت هي الحاضرة الاعلى والابهى، لم ينتشر الاسلام بقوة سيوفه وان كانت سيوف الحق، ولكنه انتشر بقوة هذه القيم وصحيح دروبها وسلوكياتها.
غاب كل ذلك عن تلك الزمرة التي دبرت امرها في ليل بهدف الاعتداء على قاضي قضاة فلسطين، الزمرة التي تدعي تدينا هو اقرب الى البدع والتجديف، ولا يعرف له اصول في صحيح الدين، والله تعالى ادرى واعلم.
غاب كل ذلك عن هذه الزمرة التي تحالفت مع بائعي السموم وتدرعت )كتحصيل حاصل) بشرطة الاحتلال وجنوده، لتعتدي على زيارة ضرورات السيادة من اجل ان لاتحقق هدفها باعلان ثبوت رؤية هلال شهر رمضان الكريم بعد قطع الشك بيقين الرؤية في باحات المسجد الاقصى.
لا شيء يفسر اعتداء هذه الزمرة الاثمة على قاضي القضاة محمود الهباش سوى هذا الهدف، نعني هدف النيل من ضرورات السيادة بل وضربها، لأن تحالفات "الاخونة" لا تبحث عن حرية وخلاص للمدينة المقدسة، بقدر ما ان عينها ما زالت على "الخلافة" التي نسمع منذ اكثر من خمسين عاما جعجعتها ولا نرى طحينا.
هذا هو اليقين الذي تجلى لنا في ليلة الشك، انه يقين المعرفة وخلاصة التجربة وسنراه بعد قليل يقين الموقف الحق فلابد من وضع النقاط على الحروف وبقوة في هذا الشان، كي لا يتواصل هذا العبث الذي لايصب الا في مصلحة المحتل.
أخيراً ذكرنا قاضي القضاة محمود الهباش انه كان قد تعرض في نفس اليوم قبل اثنين وثلاثين عاماً، لاعتداء من قبل جماعة المستوطن الارهابي مائير كهانا في نفس المكان من باحة المسجد الاقصى، هل هي الصدفة..؟
لعلها كذلك، ولكنها بالقطع صدفة الدلالة وللتاريخ حكمته في عقد المقاربات للغاية والمعنى وما من صدفة إلا باذن الله تعالى ومشيئته.
كلمة "الحياة الجديدة"