الصوم القتيل - محمود أبو الهيجاء
لم يكتب الله العلي القدير الصيام على الناس في شهر رمضان الفضيل من اجل ان يجوعوا ويعطشوا، وان كان الصيام يعني الامتناع عن الاكل والشرب لوقت محدد وانما اراد العلي القدير من وراء الصيام ان يصل الناس الى مقام الصوم الذي هو قول الحق وقت القول والامتناع عن السلوك الخطأ والابتعاد عن الفاحشة وضبط النفس كي لا ترد موارد التهلكة.
وانه لأمر مؤلم انه لم يعد ممكنا ان نرى كثيرا من الصوم في هذا الشهر الجميل وانما صيام بجوع وعطش فحسب، وحتى ان حرمة لهذا الشهر الذي هو خير من الف شهر كما جاء في الذكر الحكيم، لم تعد حاضرة تماما، بل ثمة من يطعنها بحماقة الانفعال والغضب الكريه الذي يقود الى الجريمة والقتل لأتفه الاسباب مثلما حدث بالأمس في "حسبة" رام الله وقبل ذلك بليلة في مخيم عقبة جبر في اريحا..!
في " حسبة " رام الله شجار بين شخصين ادى الى مقتل احدهما وكذلك الامر في اريحا، وفي رام الله اهل القتيل واصحابه وعصبويته المناطقية لم يعرفوا دروبا لرمضان ومعانيه وغاياته الجليلة، فاشعلوا "حريقا" من الفوضى وسط البلد بعد ان اغلقوا محلاته، وحدث شيء مشابه في مخيم عقبة جبر، ونظن ان اغلب الذين فعلوا ذلك كانوا من الصائمين...!!!
هكذا يسقط الصوم قتيلا كلما غابت روح رمضان وكلما تغلبت شكليات الجوع والعطش عليه، والدين المعاملة، لكن العصبويات الرعوية والمناطقية باتت تطيح بكل القيم السمحة التي تفرضها هذه القاعدة الشرعية، عدا عن انها لا تساهم ولا بأي شكل من الاشكال في تأصيل وعي الدولة بسيادة القانون وهي تحاول ان تفرض قانون القبيلة بكل انفعالاته العصبوية.
نعم يسقط الصوم قتيلا كلما غابت روح رمضان عنا، فأينا سيحمل دمه...؟؟