قضية ورأي ... مركز الإعلام : اسرائيل وحماس وسياسة التقاء المصالح
اسدل الستار على حادثة اختفاء المستوطنين الثلاثة والعثور على جثثهم لتبدأ مرحلة جديدة وهي مرحلة قطف الثمار. وكانت اسرائيل قد وجهت منذ البداية اتهاماتها لحركة حماس وحملتها مسئولية اختطاف المستوطنين، في الوقت الذي رفضت فيه حماس مثل هذه الاتهامات لكنها تعاملت مع هذه الحادثة وفق مخطط استثمرته حماس جيدا في تصعيدها على اكثر من جبهة، وكأن ما حدث كان سيناريو اعد مسبقا، وهذا واضح من خلال التجاذبات السياسية والتراشقات الاعلامية التي شهدتها الساحة بين حماس من جهة وإسرائيل من جهة اخرى. وكان واضحا منذ البداية ان اسرائيل تسعى لاستغلال هذه الحادثة من اجل اغراض سياسية بحتة، حيث وجدت فيها وسيلة يمكن ان تعوضها مجموعة من الاخفاقات السياسية التي تعرضت لها الدبلوماسية الاسرائيلية وذلك بعد توقف عملية السلام والانتقادات الدولية التي وجهت لاسرائيل وتحميلها مسئولية انهيار مفاوضات السلام،وجاء تشكيل حكومة الوفاق الفلسطينية وتمكن القيادة الفلسطينية من انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة ليضع اسرائيل امام واقع جديد يعيد الوحدة التي تنظر البها اسرائيل دائما بانها تشكل احد الدعائم الرئيسية في قوة القيادة الفلسطينية وهذا ما لا تريده اسرائيل. اسرائيل ازاء هذه المعطيات وجدت في حادثة اختفاء المستوطنين الثلاثة ومقتلهم لاحقا متنفسا لتنفيذ مخططاتها، حيث بدأت حملتها ضد المناطق التي تسيطر السلطة عليها وتنفيذ حملة من الاعتقالات ومداهمة البيوت وتفتيشها وإشاعة اجواء من الارهاب وحولت المناطق الى ثكنات عسكرية. وربما تزداد الحملة الاسرائيلية شراسة بعد العثور على جثث المستوطنين والتعاطف الدولي مع هذه الحادثة الذي يمكن ان يضيف بعدا جديدا تستخدمه حماس في توسيع نطاق عملياتها. حماس من جهتها التي وقفت تراقب بحذر ما يجري وخاصة ان اسرائيل كانت تضعها في خانة الاتهام، وجدت في هذه الحادثة فرصة لتحقيق اغراضها وأهدافها السياسية التي لا تستطيع تحقيقها في ظل الاستقرار السياسي والامني. حماس استغلت الحملة الاسرائيلية ليس من اجل مهاجمة السياسة الاسرائيلية بل حولت كل اتجهاتها نحو مهاجمة القيادة الفلسطينية واتهمتها بالقصور في معالجة ما يجري، وحاولت اللعب على وتر الجماهير الفلسطينية واستثارتهم وتقديم معلومات كاذبة ومضللة من اجل احداث خالة من البلبلة في الشارع الفلسطيني وتوجيه نقد للقيادة الفلسطينية.
اسرائيل وحماس استغلتا هذه الحادثة لإغراض سياسية وكأن مصالحهم قد التقت من اجل ضرب القيادة الفلسطينية وتفكيك حكومة التوافق وتقويض السلطة الوطنية وإضعافها وإجهاض اي محاولة لإقامة دولة فلسطينية. حيث تستعد اسرائيل لاستغلال هذه الحادثة في اقناع الرأي العام العالمي لتغيير مواقفه السياسية من القيادة الفلسطينية بعدما فشلت اسرائيل في اوقات سابقة وتعتقد اسرائيل ان الفرصة باتت مواتية لذلك بعد "تصاعد موجة العنف" داخل اراضي السلطة حسب زعمها.
القيادة الفلسطينية واجهت هذا الموقف بتحركات سياسية ودبلوماسية مكثفة لتدارك اي تداعيات يمكن ان تنجم عن ردة الفعل الاسرائيلية، حيث قامت باجراء اتصالات مع الادارة الامريكية ودول الاتحاد الاوروبي ووضعهم بصورة الاحداث ومطالبتهم يتحمل مسئولياتهم الدولية، وهي قادرة على افشال كافة المخططات التي تهدف الى تقويض المشروع الوطني الفلسطيني.