16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله    قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين    الرئيس: الثورة الفلسطينية حررت إرادة شعبنا وآن الأوان لإنجاز هدف تجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. "فتح": الأولوية اليوم وقف حرب الإبادة في قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة وتحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. دبور يضع إكليلا من الزهور باسم الرئيس على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية    الرئاسة تثمن البيان الصادر عن شخصيات اعتبارية من قطاع غزة الذي طالب بعودة القطاع إلى مسؤولية منظمة التحرير    اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني    متحدثون: قرار وقف وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة في فلسطين ضروري ويأتي في الاتجاه الصحيح    الامطار الغزيرة تغرق خيام النازحين في القطاع    60 عاما على انطلاقة الثورة الفلسطينية وحركة "فتح"    الاحتلال يهدم منشأة تجارية ومنزلين ويجرف اشجار زيتون في حزما وبيت حنينا    "التربية": 12,820 طالبا استُشهدوا و20,702 أصيبوا منذ بداية العدوان    الاحتلال يجبر الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الاندونيسي شمال قطاع غزة    إصابة 3 مواطنين واعتقال رابع إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس ومخيم بلاطة  

إصابة 3 مواطنين واعتقال رابع إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس ومخيم بلاطة

الآن

الرئيسان فلاديمير بوتين ومحمود عباس: روسيا وفلسطين -عناق النسرين

د. عبدالله عيسى*
أ- ولهذا السبب ، في هذا الوقت:   
يُتفّق على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر شخصيات العالم تأثيراً حتى في الدول التي يختلف زعماؤها مع سياساته ، خاصة بعد انتصاراته الكبرى بضم القرم ، الجزء العزيز من أراضي بلاده كما وصفه ،  الى حضن روسيا ، ووضع الولايات المتحدة والغرب مقابل مرآة تاريخ جديد يرسم فيه الدب الروسي ملامحه وصفاته وتحولاته ، كما في الملف الأكراني والسوري والنووي الايراني وسواهما . 
فبوتين باني روسيا المعاصرة، بعد أن تكشفت نوايا الغرب والناتو وسيتاريوهاتهما بتقسيمها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وخططهما التمددية لمحاصرتها وإضعافها  في الحديقة الخلفية لروسيا، يرش الماء على خصومه في جولتين كبيرتين : الانتصار في حرب سريعة وبأقل التكاليف على جورجيا عام ودعم استقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عنها، وضم القرم دون قطرة دم في هذا العام ، والمضي قدماً في الدفاع عن حياة المواطنين وحقوقهم في الأقاليم المحتجة على سلطة كييف الشوفينية ، كما توصف في موسكو ،  والتي أدت الى ارتكاب مجازر كما في أوديسا وسواها .
 فلم يكتف زعيم الكرملين بربط اسم روسيا كلها باسمه ، بل ربط تاريخ المنطقة والعالم أيضاً باسمه ، لدرجة أنه ظهر بأنه وحده  القادر على كل شيء: الذي أنقذ ماء وجه صاحب البيت الأبيض من ورطاته الكبرى كما في أفغانستان والعراق ، وسوريا مؤخراً بعد إعلانه القيام بضربة عسكرية لها على أثر استخدام سلاح كيماوي فيها تراجع عنها بتطهير سوريا من هذه الأسلحة .
ويتفق أيضا  أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس  أعاد المشروع السياسي الفلسطيني إلى جوهر القبض على جمرة الثوابت الفلسطينية برفضه ليهودية اسرائيل والذهاب لانضمام فلسطين الى المؤسسات الدولية وإنجازه للمصالحة الوطنية بإعلان تشكيل حكومة تكنوقراط ، ووعده دون لبس بأنه لن يتنازل عن مقتضيات الثابت الوطني وشروطه ، يربط اسم فلسطين باسمه وسط تحولات إقليمية ودولية  يراد لها أن تحاصر السؤال الفلسطيني بخطابه الناهض .
واذ يتجه عباس نحو روسيا بوتين القوية الآن بعد رفضه للإملاءات الأمريكية ، فإن ثمة ما يشي بأن الرهان الذي ساد سابقاً ، كما في انتقادات معارضيه ، في أوساط فاعلة في السلطة على الولايات المتحدة  لدرجة وضعت فيها البيض الفلسطيني كله في سلة واشنطن، سقط ذريعاً، وأن  واشنطن وسيط غير نزيه لعملية التسوية بدعمها لإسرائيل غير المحدود، لا سيما مؤخرا حيث تكشف عجزها عن الالتزام بوعودها بما في ذلك الضغط على تل أبيب لإطلاق الجرعة الرابعة من الأسرى، فيما موسكو الداعمة للحق الفلسطيني أبداً، والقوية الآن بإمكانها أن تلعب الدور الأبرز في التسوية لا كوسيط فقط بل كشريك موثوق به على امتداد تاريخ العلاقات بين روسيا وفلسطين الروحية والثقافية والسياسية وسواها.
وطالما أن النسر الروسي المتجه للشرق يعانق النسر الفلسطيني  ، فإن من  الجدير إطلاق العلاقات مع موسكو الى آفاق أوسع ، وهذا ما يفعله الرئيس الفلسطيني ، عبر تعزيز دور روسيا في عملية السلام . روسيا بوتين العارفة بما وراء أكمات المنطقة و التي تقبض على ملفات المنطقة وتستعيد  بلا لبس مكانتها في سوريا ومصر خاصة ,ولابد أنها سترتب أوراق المنطقة على أسس وبأولويات جديدة في مواجهة الكاهن الأمريكي الذي عبث بها بسياساته غير المحسوبة ، والتي قادت الى سخط تجاهها ، سيما وأن واشنطن تقدم مثالاً تلو الآخر يؤكد استحالة الوثوق بها ، مثل لجوئها لإيران لترتيب الملف العراقي ضاربة بعرض الحائط بأصدقائها الخليجيين ومنفذي سياساتها ، ولك في قطر التي فتحت أراضيها للقواعد الأمريكية وتنفذ أكثر سياساتها تهديداً  لأمن المنطقة العبرة الكبرى : فلم يقم وزير خارجية حتى بزيارتها منذ أكثر من عقد ، في حين يقوم وزراء الخارجية الأمريكيين بجولات مكوكية في المنطقة . أمريكا تتعامل مع حلفائها كالبقرة الحلوب، ما أن يجف حليبها حتى ترمى .
وهكذا فإن روسيا التي دعمت استقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا وضمت القرم وتدافع عن حق الأقاليم الأكرانية المنتفضة على سلطة كييف في نيل حقوقهم ، انطلاقاً من مقتضيات القانون الدولي القائم على حق الشعوب في تقرير مصيرها ، داعمة بلا حدود لحق الفلسطينيين في تجسيد الاستقلال وبناء الدولة عبر تاريخها . ما يعني أنها ستذهب أبعد كدولة عظمى ولاعب أساسي في عملية التسوية في تحقيق حقوقنا المشروعة بعد انتصاراتها الكبرى هذه .
من هنا جدارة زيارة عباس في هذا الوقت بالذات ، وأهمية دعوة بوتين العارف بتفاصيل عملية السلام والقارئ برؤاه بعيدة الأفق لها  بالدعوة لاستئنافها وسط تأييده للمشروع السياسي الفلسطيني ، بما في ذلك المصالحة والحكومة ووقف الاستيطان وسواها.
عناق نِسرَي روسيا وفلسطين لا شك يقلق الكاوبوي الأمريكي في هذه الفترة أكثر ، ناهيك
عن انزعاج صقور اسرائيل .
ب- الرئيس يحيّي أحياء ويحيي ذكرى موتى دبلوماسيين روس بتكريمهم :
تواصل وفادات الروس إلى الأراضي الفلسطينية ، وعلى رأسهم زعيم الكرملين فلاديمير بوتين ورئيس وزرائه دمتري مدفيديف وقداسة البطريارك كيريل مؤول لا شك بالمكانة الروحية أولاً للأراضي المقدسة . فأواصر الروحي تاريخياً بين البلدين والشعبين تتعمق وشائجها في وقتنا المعاصر منذ عودة الفلسطيني إلى أرضه بعد أوسلو وإعادة ممتلكات الكنيسة الروسية  التي بقيت تحت الاحتلال إلى كنفها.
أمر ما يزال مشعاً في الوجدان الروسي . فالمكان المقدس في فلسطين مقدس في روسيا لكل روسي.
وطالما أن روسيا، وبالتالي كل الروس ، يشعرون بالمسؤولية التاريخية الروحية على سلامة المكان الفلسطيني المقدس ، فإن دعمهم للمشروع الفلسطيني بالضرورة مقدس.
فليس دعم روسيا لدولة فلسطين إلا معمّداً بهذه الرؤيا. من هنا هذا العناق الطويل بين تاريخ البلدين والشعبين ، وهذا الاحتضان الروحي، الوجداني ، الأخلاقي، الإنساني الروسي للفلسطيني ، مكانياً وزمانياً . ما يعني تأصيلاً على هذا كله ، أن علاقات الشراكة المطروحة ، ليست مؤسسة على موجات المصالح المشتركة ، بل محفورة في مجرى الروحي التاريخي الممتد لقرون .
وفيما يبقى اسم ' موسكوبيا ' ، مثالاً لا حصراً،  شاهداً على البعد التاريخي لهذه العلاقة ، فإن إطلاق اسم ' فلاديمير بوتين'، و ' دمتري مدفيديف ' على شارعين في فلسطين دلالة على كنه   العلاقة المعاصرة الطيبة ، تماماً كما يظل اسم ' القدس الجديدة ' ضواحي موسكو و' متحف فلسطين الروسية ' الذي افتتح في موسكو مؤخراً ، مثالاً لا حصراً ، معالم لحركة العلاقة التاريخية - المعاصرة وتجسيداً لخصوصيتها .
لكن الاحتفال بالذكرى الأربعين لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين روسيا وفلسطين حمّله الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبعاداً إنسانية جليلة .
فلم يكتف بتكريم دبلوماسيين روس أحياء عملوا على تعميق أواصر هذه العلاقة ،  وعلى رأسهم الأكاديمي والسياسي المخضرم يفغيني بريماكوف ، ونائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف ، ورئيس الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية سيرغي ستيباشين، و رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية وممثل الرئيس في اللجنة الرباعية سيرغي فيرشين وسواهم ، بل تكريم ذكرى من رحل منهم ، في لفتة إنسانية مؤثرة تقول أن فلسطين وفية لأصدقائها، الأحياء منهم والأموات.
 
* شاعر وأكاديمي فلسطيني مقيم في روسيا

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025