هدنة جديدة؟!
حملت وكالات الإنباء أخباراً مفادها ان هدنة جديدة بصدد توقيعها بين حماس وإسرائيل، ولم تعطي هذه الوكالات تفسيرا واضحا لهذه الأخبار المتداولة، غير ان المعروف في الأعراف الدولية ان الهدنة يتم التوصل اليها عادة بين طرفين او أطراف متحاربة،وان حربا لم تحدث بين حماس وإسرائيل ، فما هي دواعي وتداعيات هذه الهدنة المفتعلة؟
بعد سيناريو اختفاء المستوطنين الثلاثة ومقتلهم والذي لا زال موضوعهم يكتنفه الغموض ويطرح أسئلة عديدة حول ملابسات قتلهم والجهة التي تقف خلف ذلك، وهل كانت دواعي العملية ذات بعد وطني ام ان هناك أبعاداً أخرى تقف خلف ذلك. مهما كانت الأسباب والتداعيات إلا ان اسم حركة حماس كان حاضرا في هذه القضية منذ بدايتها، ورغم نفي حماس لعملية الاختطاف إلا نفيها لم يكن بتلك الحدة التي يجعل منها طرفا خالي المسئولية عن ذلك، وكأن حماس كانت تدرك ردة فعل إسرائيل على هذه الحادثة، حيث لم تستهدف اسرائيل حركة حماس كما أشيع رغم بعض الاعتقالات في صفوف كوادرها وهذا لا يعني شيئا، لكن الأهم ان حماس أرادت ان تكون السلطة والقيادة الفلسطينية هي المستهدفة وكان لها ما أرادت.
حماس خرجت من اللعبة بعد ساعات من عملية اختفاء المستوطنين وتولت إدارة اللعبة بنجاح، وسهلت الطريق أمام إسرائيل للقيام بحملة عسكرية ضد أبناء شعبنا الفلسطيني، وكانت حماس تهدف وتتطلع لان تقوم إسرائيل بضرب القيادة الفلسطينية وإضعافها حتى يتاح لها المجال في إعادة رسم الخريطة السياسية في المنطقة، وتدرك حماس انها لن تستطيع ذلك في ظل وجود قيادة فلسطينية قوية تحظى بشرعية دولية ودعم شعبي وعربي غير محدود.
نستطيع القول ان مصالح حماس وإسرائيل قد التقت وتوحدت أهدافهما في إضعاف السلطة الفلسطينية والقيادة الفلسطينية وخاصة بعد إدراك حماس انه لم يعد بمقدورها ترك بصماتها على حكومة التوافق التي تشكلت بعد إتمام المصالحة حيث كانت تتطلع حماس الى شراكة واضحة في الحكم من خلال هذه الحكومة وقد سقطت حماس في أول اختبار لها عندما تعلق الأمر برواتب موظفي غزة التي رفضت حكومة التوافق الالتزام بها.
وقد كشف الكاتب الإسرائيلي"تسيفي بارئيل" محلل شئون الشرق الأوسط في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عن الأسباب التي أدت الى عدم التصعيد بين حماس وإسرائيل عندما اتهمت اسرائيل حماس بضلوعها في اختفاء ومقتل المستوطنين الثلاثة، وعزى بارئيل ذلك الى وجود مصالح مشتركة بين حماس وإسرائيل .وقال بارئيل" ان حماس هي الشريك الخفي والعدو المعلن لإسرائيل في الوقت ذاته". واعتبر الكاتب ان حجم الكارثة التي حلت بإسرائيل جراء مقتل المستوطنين الثلاثة إضافة الى اطلاق الصواريخ من غزة، تستدعي فتح جبهة عسكرية الا ان إسرائيل فضلت عدم التصعيد مع حماس، وهنا تكمن الغرابة. واعترف بارئيل بان إسرائيل معنية بوجود حماس قوية في قطاع غزة حتى تبقي سيطرتها على الفصائل الأخرى ومنعها من إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، ولهذا نعتقد ان إسرائيل وقفت بقوة ضد تحقيق المصالحة لاعتقادها بان سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة يمكن ان يعطي هامشا من المناورة لفتح جبهة جديدة ضد إسرائيل بإطلاق الصواريخ.
حماس وفرت كافة الظروف لتصعيد إسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وقيادته وما يهمها فقط هو الحفاظ على مصالحها حتى لو تم ذلك بالتحالف مع إسرائيل.