16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله    قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين    الرئيس: الثورة الفلسطينية حررت إرادة شعبنا وآن الأوان لإنجاز هدف تجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. "فتح": الأولوية اليوم وقف حرب الإبادة في قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة وتحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. دبور يضع إكليلا من الزهور باسم الرئيس على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية    الرئاسة تثمن البيان الصادر عن شخصيات اعتبارية من قطاع غزة الذي طالب بعودة القطاع إلى مسؤولية منظمة التحرير    اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني    متحدثون: قرار وقف وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة في فلسطين ضروري ويأتي في الاتجاه الصحيح    الامطار الغزيرة تغرق خيام النازحين في القطاع    60 عاما على انطلاقة الثورة الفلسطينية وحركة "فتح"    الاحتلال يهدم منشأة تجارية ومنزلين ويجرف اشجار زيتون في حزما وبيت حنينا    "التربية": 12,820 طالبا استُشهدوا و20,702 أصيبوا منذ بداية العدوان    الاحتلال يجبر الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الاندونيسي شمال قطاع غزة    إصابة 3 مواطنين واعتقال رابع إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس ومخيم بلاطة  

إصابة 3 مواطنين واعتقال رابع إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس ومخيم بلاطة

الآن

معتقلينا في شهر الصيام.. - د. مازن صافي

ليس للكتابة عن الأسرى طقوسية محددة .. فهم نبض مستمر من المعاناة والوجع الذي لا ينتهي ..
لذا فالكتابة عن هموم ومطالب أسرانا ترتبط دوما بالأحداث العامة وأخبارهم الخاصة .. وربما حين نكتب نحن خارج القضبان نتقمص جروحهم وصعوبة حياتهم ودوامة أفكارهم ونكتب بحروفنا ..

لكن الحكاية مختلفة حين يكون الجدول اليومي هناك داخل المعتقلات في قبضة القيد وقسوة القضبان ..
في شهر رمضان المبارك تصعد مشاعرهم لمستويات الشوق الجارف الكبير إلى الأب والأم والأخ والأخت والزوج والزوجة والأولاد والجيران والوطن وطقوس ومظاهر رمضان .. لكنهم هناك يتقمصون حياتنا الطبيعية نحن .. نحن أبناء الشعب الفلسطيني نعاني الاعتقال وقد لا يخلو بيت من وجود معتقل أو كان معتقلا .. فجميع البيوت تشعر بالأسير وغربته في زنازين الظلم الاحتلالي .. إنها مشاعر صادقة تطلع من عمق تجربة ذاتية ودرجات عالية من الغوص في التفاصيل .. هناك مشاهد غير قابلة للتصديق .. ومشاهد غير قابلة للصمت .. ومشاهد تبكي وتبكينا .. ومشاهد خارج مدى سيطرتنا النفسية .. نتمنى وجودهم بجانبنا .. يتمنون حريتهم ليبقوا بجانبنا .. جميعهم شاركونا حلو المناسبات ومرَّها من أعياد وجنازات وأفراح وسعادة وأحاديث وضحكات ودموع وأفكار وفعل فلسطيني بكل معنى الكلمة عنوانه هوية وطن محتل ينشد الحرية ويوظف كل الوسائل المتاحة ليدق جدار الخزان .. بين الكتابة لهم وانتظار عودتهم محررين وجع عميق يسكن الدموع والصدور .. أظن أننا لا نفكر مرتين حين نسكن الشارع تضامنا معهم لنعلي صوتهم أمام العالم .. كما القدس .. كما القصيدة .. كما الزيتون .. كما هواء البحر .. كما الرحيل .. كما الخبز .. الأخبار التي تنقلنا يوميا إلى مرضهم وحرمانهم وصبرهم وقسوة السجان عليهم .. ويتربص بنا خوفنا المتعمق في أعماق أرواحنا ليمتزج بدعائنا ألا يصيبهم مكروه أو أن نفجع بأحد منهم .. فكيف مشاعر ذويهم .. إنها أسطورة منقوشة بالمرارة وكثير من الصبر والصمود والدعاء الذي لا يتوقف ..  كما هي أسطورة ملامح وطن " فلسطين " يشق الطريق إلى حريته بين ضباب الذاكرة وغبار الحاضر وترهل المواقف وإمعان المحتل في عنجهيته .. زيتون أخضر بملامح معتقل حبيب غائب ..   في شهر الصيام .. الآهات تزيد الغربة غربة ..  الصخر ينطق اشتياقا .. عبق الأهل يقترب .. عبق الأسير لا يفارق الأماكن كل الأماكن .. الوطن كل الوطن .. اليوم في صلاتنا وقبل أن نتناول تمرنا وماءنا وفاكهتنا يجب أن ندعو لهم .. ندعو للعجائز الذين شابت خلف المعتقلات وينتظرون عناق أبنائهم قبل أن يسافرون في سفينة الأجل دون عناق .. حيث تغيب الشمس ويعلن النهار سفره إلى الليل علينا أن نسافر إلى معتقلينا بكل جوارحنا وأفكارنا وصور التضامن معهم ومع ذويهم .. لنحتضن الحاضر والغائب في آن واحد ... جسد الاعتقال ينهش قلب معتقلينا .. تشتهي القضبان أن تأكل لحمهم كما الاحتلال .. نذهب إلى طقوسنا .. هناك يذهبون أو يتلقون ضربات المحتل الغاصب وأيديهم مقيدة بالأسلاك والقيود البلاستيكية المؤلمة جدا معصوبو الأعين ينزفون دماءً ووجعاً .. يوم معتقل يزج في زنزانة انفرادية ويترك لساعات وأيام وشهور وسنين .. وقائع مشاهد تصل إلى الشهادة والموت .. تنكيل وإرهاب احتلال لا يرحم .. جسد ينهال عليه ضربا كي تنهار نفسيته وتتلاشى شخصيته ويصبح من الماضي السحيق بلا هوية أو عنوان أو هدف .. جسد معتقل .. جسد أنين محاط بجدران صماء .. الانتصار لقضية الأسرى و الاعتقال تتسع لمحيط جغرافيا الوطن .. قضية تحمل اتجاهات متباعدة ومتقاطعة .. اختبار عسير للأسير ولذويه .. تحدي لكل ذلك بالعزم والإرادة والصبر والقوة .. تحدي لواقع مرفوض .. واقع التنكيل والظلم والإذلال والقهر والإحباط والمصير المجهول وأحكام تفوق الخيال .. شمس الحرية آتية لا محال .. وكأني أسمع صوت الأنين الخارج من خلف الزنازين ينشد الحرية  في حروف شاعرنا الفلسطيني الراحل محمود درويش :  " أُريدُ من الأَرض أَكثَرَ مِنْ هذه الأَرضِ : رائحة الهالِ والقَشِّ  .. بين أَبي والحصان .. في يدي غيمةٌ جَرَحْتني ، ولكنني لا أُريدُ من الشمس أَكثَرَ من حَبَّة البرتقال وأَكثرَ منْ ذَهَبٍ سال من كلمات الأذانْ " .
  كاتب من غزة

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025