الشجاعة والجبن- حافظ البرغوثي
شهيد في كل ساعة وستة جرحى وبيت مدمر في حرب المئة ساعة ونيف على غزة. الشجاعة لا تحقق انتصارا في بعض الاحيان، الجبن المدجج بالسلاح ينجح في هزيمة الشجاعة. لسنا مطالبين بتفسير لماذا حدث هذا ولماذا جرى التصعيد بهذه الوتيرة المتدرجة على جثثنا!
المنطق ينسحب من الجدال وتحل محله تساؤلات متواضعة. عندما يتغطرس الاحتلال ويغلق اي أفق سياسي ويفتح ابواب جهنم الاستيطان فهو يبيح للآخرين كل ما يبيحه لنفسه، وعندما لا يكلف احد من المجتمع الدولي نفسه عناء لجم الممارسات الاستيطانية وينتقدها بخجل بائن لا يغير من الواقع شيئا، فان الغضب الفلسطيني ان كان فرديا أو جماعيا هو افراز لهذه الحالة وليس مكونا لها. قد تكون هناك حسابات حمساوية وحسابات اسرائيلية متقاطعة رغم تناقضها لكن المحصلة لا تلغي الصراع ولا تعني ان هذه الحرب آخر الحروب بل هي محطة جديدة تنتهي بتهدئة تحمل في طياتها بذور معمعة أخرى.
غزة تدفع كل سنة حصة من الدم والدمار، مثلما تدفع الضفة حصة من الارض، ان كان هناك من يستطيع بلورة اطروحة لصياغة استراتيجية فلسطينية وطنية لانتشالنا من هذا الغبن الذي يتيح للاحتلال ان يفاخر بحصد التأييد الدولي لعدوانه وسياساته مثلما يحصد ارواحنا وأرضنا فليتقدم!.
تعبنا من نداءات الحنجرة الاخيرة للتنازل من اجل الوطن التي تصطدم بشعارات فصائلية تبتلع الوطنية لحساب الفصائلية. ليس ما يجري أذى ويزول كما يحلو للبعض وصفه، فالأذى لا يزول الا اذا كان هناك اجماع وطني على اي عمل مقاوم او عمل سياسي، فالمعركة الحالية لا تفك عزلة لحماس ولا تحقق مكاسب الا للاحتلال ولا تفتح افقا لغزة فإن كان الهدف حرق المصالحة فهي تحتضر، وان كان الهدف تأصيل الانقسام فهو أمر واقع، وان كان الهدف الاسرائيلي انهاء حماس وتقزيم السلطة فهما وهمان بعيدا المنال. وفي غياب التوحد الوطني الحقيقي على الوسيلة والهدف السامي سنواصل التضحية بلحم الانسان والأرض في حروبنا الصغيرة التي تتغذى عليها حرب الاحتلال الكبيرة علينا.