سيدي الرئيس كان عليك أن تكذب!! ،،
وعمرك يقترب من القرن إلا عشرين عاماً كان عليك أن تخرج علينا بخطاب "مهضوم" يُشبع نضالنا الفيسبوكي المتصاعد، أن تتوقف عن الصراحة فوراً وتخرج الأن من الغرف المغلقة، تتناسى ما قلته في إجتماع القيادة، تنظر الى الكاميرات بغضب، ثم تحكي لنا قصة "الشاطر حسن"، ولا تنسى أن تهتف مطولاً ع القدس رايحين شهداء بالملايين .
كان عليك أن تتعلم من تجربة غزة، وتسحب جيشك من على الحدود في الضفة، وتسمح بدخول الحشود من الثوار العرب، وتلبى ما نادت اليه فنانتنا الثورية جوليا بطرس في أغنيتها الملتهبة العتيقة "وين الملايين"، كان عليك أن تتعلم من تجربة حكم الأخوان المسلمين حينما إندمجت الجماهير العربية العريضة من المحيط الى الخليج ومن الخليج الى المحيط في الحرب على غزة عام 2012 .
كان عليك أن تسمح لأحمد العربي أن يرى حيفا، وأن تكُف عن منع محيطنا العربي الثائر وجيوش أنظمتنا العربية الباسلة من التقدم نحو القدس، لنصلي سوياً مع داعش وجبهة النصرة وحزب الكتائب اللبناني وأحزاب اليسار العربية – التى ستجهش من البكاء وتعلن إسلامها يوم التحرير وهولة الموقف- في المسجد الأقصى المبارك .
كان عليك أن تسمى الأسماء بأسمائها الحقيقة، لا تصبغها بصبغة مزيفة يا سيدي الرئيس!!،
مثلاً: في رام الله جامع جمال عبد الناصر سميه "مسجد محمود أحمدي نجادي"، وفي نابلس سمي ميدان الشهداء بميدان"الدوحة"، وفي بيت لحم أعطى لكنيسة المهد إسم "تومورو لاند" لنضمن حياةً إقتصاديةً مرفهةً، فلا نقابة تجد عذراً للإضراب ولا موظفاً حكومياً يشكو من حلم "السي"، ورعب الترقيات .
كان عليك أن ترهن قرارك الوطني الفلسطيني المستقل، فلا خبز يطعمنا، ولا زيت يعطينا، لنوزع الأدوار والعبء الثقيل يا سيدي الرئيس، وزارة التربية والتعليم لدولة قطر أقترح، ووزارة الخارجية الفلسطينية للإدارة المدنية أرشح، أما منظمة التحرير أرهنها -ولو مؤقتاً- لمحيطنا العربي الغاضب الثائر .
كان عليك أن تخوض معركتك الإنتخابية القادمة لمقعد الرئاسة، وأنت تقترب من القرن إلا عشرين عاماً ما زال لديك متسعاً من الوقت لتخرج علينا بالشعارات الملتهبة والصادحة لآذاننا والمرطبة لقلوبنا، لما لا يا سيدي الرئيس؟!! أهكذا يفعل رؤساء المنطقة مع شعوبهم؟؟! ألم يجعلوا من شعبهم ولا الضالين أمين؟؟ أهكذا تدار الدول يا سيدي الرئيس؟؟ أنظر الى الشمال الشرقي من بلادنا المحتلة، أو الى أقصى الجنوب في المحيط العربي !! .
كان عليك لك ان لا تكون واضحاً وصادقاً، إكذب يا سيدي الرئيس ولو لمرة واحدة!! وأخرج علينا بخطابات دعائية رنانه، عليك أن تخوض معركةً طاحنةً في المصطلحات الثورية، وأن تجلس في المقاطعة، تقرأ المشهد تحت وطأة مفعول "الخطابات الدموية"، والمفعول السحري لتوسيع القاعدة الجماهيرية، فلا ضرر في ذلك، ولن يمسك السوء، فالمحرقة ستكون للشعب الفلسطيني وحده.
كان عليك أن تزج شعبك بالأزمة السورية والمصرية، وأن ترسل مقاتلين مأجورين الى ليبيا واليمن، وتعلنها صراحةً "أنا مع مربع الممانعة" تارة ومع "دائرة الإعتدال" تارةً أخرى ،لا تقف حيادياً، تَلوّن وأنظر كيف تستغل الدماء لصالح الرياء، والأرواح لصالح الأموال، والتدمير لصالح التبذير، قُد ذلك من مكانك في مقر المقاطعة، حتى وإن مُسح ما تبقى من المخيم المنكوب عن الوجود .
كان عليك في غزة أن تحصد الدم الطاهر، الجثث المتفحمة، قلوب الأمهات المتحسرة، وحتى أشلاء الأطفال المتمزقة، والتى لم يرق منظرها اللإنساني والمرعب للكثيرين في ساحة المعركة، أو أقصد على مواقع التواصل الإجتماعي، والتى طلبت منا مشاعرنا الحساسة والجياشة أن تُخفي من دون قصد قذارة الإحتلال وعُهره، حتى لا نفقد شراهة الإفطار على مائدة رمضان.
كان لك أن تفتح حساباً وهمياً ع الفيسبوك، لتحصوا عدد "الآلهة" على مواقع التواصل الإجتماع –وأنا واحد منهم- وستتعب كثيراً وتبحث طويلاً عن "مواطناً فلسطينياً فرداً ليس مُلهماً ومعلماً يشتم ولا يُشتم عليه"، ستقراً كيف تناضل الجماهير الفيسبوكية على صفحاتها وستُصيبك الغيرة حتماً في أعداد المعجبين المتابعين على صفحة "أفيجاي أدرعي".
كان عليك أن تلغي كتابات #درويش في قصيدته "وإنَا نحب الحياة إذا ما استطعنا اليها سبيلا "، وتعيد لنا بمطلب من البعض صورة إجتياح المدن، ومنع التجول، لتتيح لنا فرصةً في التكاثر وأن نُنجب المزيد من الفلسطينين المنبثقين من نطفة الملل، ولا تنسى أن تفند نهايات غاربيل ماركيز الحزينة في نهايته الشهيره " لا تنتظر أكثر".
كان عليك ع الاقل ان تتلو على مسامعنا خطاباً واحدً مفعماً بالغضب واللاوعي، وأن تعيد لذة الفلتان الأمني، وسيطرة العرصات، وشهوة الخاوات، وحرق قلوب الأمهات، وتصفية الحسابات، وزج المزيد من الأسرى في المعتقلات، لتؤمن نهايةً سيذكر فيها الفلسطينيون عن "رئيسهم الوهمي محمود عباس" .
سيدي الرئيس، إختلفنا معك في العديد من المنعطفات، في مصلحات الخطاب، وبرود المرحلة، نؤيد المقاومة الفلسطينية في كل أشكالها المسلحة والعسكرية، سنعود الى صفد لا الى أريحا، ولا يروق لنا التنسيق الأمني بالمرة، ولا نكبة تعلوا عذابات نكبتنا، ولا محرقة أبشع من ويلات مآسينا، لكننا يا سيدي الرئيس لم نختلف عليك مرةً واحدةً في البوصلة فأنت المؤتمن على أبنائي الكبار الذين لم أنجبهم بعد، وشعبي عظيم وكله ثوار لكنه لا يدري ما هي متطلبات المرحلة!!
كن أنت كما أنت، شكراً سيدي الرئيس
بقلم الاخ محمد رضوان