لمن ستهدي حماس النصر ؟! - أسامة الرنتيسي
مهما كانت درجة التضارب بين تصريحات قادة حماس داخل غزة، وتصريحات قيادتها الخارجية في قطر ولبنان ومصر حول المبادرة المصرية، فإن النتيجة المتوقعة في الساعات المقبلة هي أن يتم الحسم باتجاه الموافقة على المبادرة مع محاولة تحسين بنودها وشروطها.
فعندما يقول موسى ابو مرزوق من القاهرة ان المبادرة ليس كما طلبنا لكنها تفي بالغرض، لا يختلف كثيرا عن قول اسامة حمدان من بيروت بعد ان استهزأ بها في البداية «ممكن التفاهم حولها».
قضية التضارب في المواقف بين حماس الداخل والخارج، قضية قديمة، وظهرت للعلن اكثر من مرة وفي مواقف مختلفة، ووصلت الى ابعاد قيادات عن المواقع الاولى مثلما حصل مع محمود الزهار الذي قصف منزله امس ومنازل اربعة اخرين من قيادات حماس، كما انها مرتبطة حسب تسميات الاخوان المسلمين صقور وحمائم، لكن في المحصلة كان دائما يتم الانحياز الى موقف الخارج الاكثر حمائمية.
صحيح ان حماس الداخل لجأت الى الفصائل الفلسطينية كلها الموجودة في غزة وفي الميدان لتعزيز موقفها بقرار جماعي يرفض المبادرة، لكن لا تستطيع الحركة في النهاية مواجهة كل المواقف المؤيدة للمبادرة، الموقف العربي عموما، والمصري خصوصا، والدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة، والطرف الاخر العدو الاسرائيلي.
حركة حماس في موقف حرج جدا وهي التي وافقت على مبادرة 2012 التي قادها الرئيس الاخواني المعزول محمد مرسي، وبالتدقيق في بنود المبادرة الاخيرة، فهي متقدمة جدا على مبادرة مرسي.
المصريون الذين صاغوا المبادرة بموافقة عربية، لن يساوموا حركة حماس على بنودها، ويعرفون ان الحركة واقعة الان تحت الضغط الشديد، من جراء الدم النازف في القطاع، وسوف يتحملون وزره في النهاية اذا استمر العدوان، ورفضوا المبادرة، كما يعرفون ان الحركة قد تلجأ الى مساومة قطر وتركيا والدول الممولة لها من اجل تحسين شروط المبادرة المصرية، او اقتراح مبادرة بديلة (قطرية تركية) يمنح فيه انجاز ايقاف حمام الدم الفلسطيني الى هاتين الدولتين.
لكن، وبالضرورة، يجب ان تكون هناك وحدة في الموقف الفلسطيني من المبادرة المصرية والضغط من أجل ربط التهدئة بفك الحصار البرّي والجوي والبحري عن قطاع غزة، بضمانات دولية من الأمم المتحدة، وبمساندة عربية، وايقاف سياسة إسرائيل بالاعتقالات والاغتيالات، لان تجربة تهدئة ومبادرة الاخواني مرسي في 2012 لم تأت بشيء.
حماس تعرف انه اذا لم يجر اجتياح اسرائيلي بري لقطاع غزة، وبقيت الامور عبر الصواريخ والطائرات المقاتلة، فانها سوف تخرج رابحة من المعركة غير المتكافئة التي فرضها العدو الصهيوني، ويستطيع قادتها ان يعلنوا النصر ويهدوه لحلفائهم وهم قلة هذه الايام، مثلما اهداه زعيمها خالد مشعل لاكثر من دولة في المرات السابقة.