معركة اللاعودة - حافظ البرغوثي
يبدو وكأن قيادة حماس قررت دخول معركة اللاعودة، ربما بأمر من التنظيم الدولي للاخوان الذي يرى أن غزة أول معقل سيطر عليه وآخر معقل تبقى له بعد فشل مشروع الاخوان في مصر وليبيا وسوريا واضمحلاله في تونس. فالمعركة وجودية بالنسبة لحماس فاما ان تحقق مكاسب من الجوار المصري والسلطة واما فلا.
فاسرائيل ترفض تقديم اي تنازلات حتى التي وافقت عليها في التهدئة السابقة بينما التزمت بها حماس والفصائل بالكامل. ولعل تحويل المشاورات حول التهدئة الى قضية عربية بينية، بين مصر والسلطة وتركيا وقطر وحماس يوضح الوضع البائس الذي وصلنا اليه، فالاحتلال يحظى بدعم دولي غير مسبوق وما يظهره الغرب مجرد شفقة وليس تعاطفا او تضامنا، فالمعركة غير المحسوبة باجماع وطني تكون مآسيها اكبر. ولو تصورنا ان جثث اطفالنا هي التي على شاطئ تل ابيب او تحت انقاض مبانيها فان العالم ستقوم قيامته ولن يهدأ، لكننا بفرقتنا واختلافاتنا نقلل من مستوى الذئبية العدوانية فيما الاحتلال يهول من الخدوش التي اصابته، لقد مرت على غزة اعتداءات أسوأ لكنها كانت تواجه بتحد شعبي واضح ليس عندنا بل في العالم، لكننا الآن نلحظ الفرق بسبب المستنقع العربي المهيمن وبسبب استمرار الانقسام الفلسطيني واقعيا.
تنفيذ اتفاق المصالحة كان كفيلا بفتح افاق جديدة وخلخلة الحصار، لكن هناك من يعتقد ان الدم البريء المسفوك سيذيب الحصار، فدمنا لم يعد قابلا للصرف دوليا لأن الوضع العربي باقتتاله وفتنه ألغى القيمة للانسان العربي، فقيمة الفرد تكمن في مقدار المحافظة عليه وليس في مقدار التضحية به. وعليه فان قيادة حماس المحاصرة في قطر وتركيا وقيادتها المحاصرة ماديا ومعنويا في غزة وتعاني من فراغ سياسي ومالي تبقى عرضة لخوض مغامرة النفس الاخير. ففي كل يوم تؤكد الحقائق الواقعية امامنا انه لا بديل لنا سوى التوحد لمواجهة التحديات، وان الاخرين ليسوا احرص منا على انفسنا، وبالتالي لا نركن على أحد وانما على النفس والواحد الأحد.