زمن الشائعات ... زمن الرويبضة
تاريخ الشائعة ويقال احيانا الاشاعة، هو دونما جدال تاريخ الفضيحة، فما من شائعة إلا وتعرت فيما بعد وافتضح امرها، لا كخبر لا اساس له من الصحة، او كقول قد اضيف له ما لم يكن فيه قط، وانما ايضا لطالما افتضح امر الشائعة كوسيلة استهدفت تشويها للحقيقة وتشكيكا بها، ودائما لغاية في نفس يعقوب كما يقول المثل .
والمثير للدهشة المرة في هذا الشأن، ان الشائعة تجد دائما من يصدقها في البدايات، بل ومن يروجها وينقلها من مكان الى مكان ومن حال الى حال، بعد ان يبهرها كما تشتهي النفس الامارة بالسوء، او كما ترغب هويته الاجتماعية او السياسية او الحزبية أو حتى الاقتصادية ، دون احساس بالمسوؤلية لا الخاصة ولا العامة، لا الاخلاقية ولا الوطنية، وربما دونما ادراك لمخاطر الشائعة المميتة ..!!!
ويعرف الناس انه في زمن الحروب والازمات الكبرى تكثر الشائعات والاقاويل الانفعالية وتكثر معها الخطابات الرغبوية والانتقائية، حتى ليبدو صوت العقل نشازا، وحتى يعود قول الحق كأنه الكفر والالحاد. وزمن الحروب، لطالما انه زمن الشائعات والاقاويل والهلوسة، فهو زمن الرويبضة اذا جازت لنا المقاربة مع الحديث الشريف، الزمن الذي يصدق فيه الكاذب ويكذب فيه الصادق ويؤتمن فيه الخائن ويخون فيه الامين وينطق فيه الرويبضة، وفي الحديث الشريف : قيل ومن هو الرويبضة يا رسول الله قال : التافه يتكلم في امر العامة
ومع الاسف الشديد، فتحت وسائط الاتصال الالكترونية التي توصف بالاجتماعية، من " الفيس بوك" الى "التويتر" الى غيرها من عناوين لم تعد عربية، فتحت ابوابها على مصراعيها للشائعات والاقاويل وتغريدات الخطابات الرغبوية لتنتشر كيفما اتفق دونما تبصر وبلا اي قدر من المسؤولية الاخلاقية اولا وقبل كل شيء، ومن هذه الابواب ومع حشد هذه الشائعات والاقاويل تسنى لذلك التافة ان يتكلم بامر العامة ..!!
بالطبع ليس كل " الفيس بوك" ولا "التويتر " يسمح لهذا التافة ان يكون بل هناك من يتصدى له بعقل وروية وحكمة ، واخر يتصدى بتعجل المحروق دمه على قول الحقائق كما هي، وابداء الرأي المسؤول كما تتطلب المصلحة العامة، مثل هؤلاء يضيئون شاشات الحاسوب بالكلمات الامينة، ولأن الدنيا لو خلت من الخير والاخيار لقلبت.
في المحصلة لابد من السؤال كيف لنا ان نحارب الشائعة ..؟ ليس امامنا غير طرق ابواب الوعي، وتغليب حسن الظن وحسن التبصر والرؤية وحسن الثقة بالمرجعيات الشرعية بعد النظر الى تاريخها الحافل بمصداقية الخطاب في كل اتجاه وتجاه كل حدث وازمة ومعضلة، فعلى الذاكرة الا تموت والا تمحو في لحظة انفعالية صفحاتها المضيئة، وخاصة في لحظة الدم التي توجب تحمل المسؤولية الوطنية بادق تفاصيلها، فلا تخدعها الشائعة ولا تاخذها الاقاويل المفبركة الى تخندق يفرق ولا يجمع ويشتت ولا يوحد .وما احوجنا الان الى الوحدة وخطاب الوحدة لنوقف هذا الشلال من الدم البريء والطاهر الذي يسببه العدوان الاسرائيلي بقذائفه الحربية التي تنهال على اهلنا في غزة من البر والبحر والجو .
كلمة الحياة الجديدة