"خارطة طريق" أبو مازن
كتب رئيس التحريرلموقع مفوضية الاعلام والثقافة- موفق مطر-
«ان نقطة دم من طفل فلسطيني اغلى عندنا من كل شيء في هذا العالم». . كانت هذه العبارة واحدة من أهم ما جاء في كلمة الرئيس بافتتاح اجتماع القيادة أمس الأول, فهي تعبير سامٍٍ وراقٍ عن فلسفة ومنهج الرئيس محمود عباس في القيادة والحكم, وتعزز الاطمئنان لدينا بأن نزعة او رغبة سلطوية او زعاماتية لا مكان لها في عقل وقلب رئيس عقلاني حكيم يقود الشعب الفلسطيني للنجاة من حقل الغام المشروع الاحتلال الاستيطاني الاسرائيلي من جهة, ولهيب حريق الفتن الداخلية والطائفية المتقدة بأياد دول اقليمية وجماعات وتيارات تنسجم في دعواتها وتعاميمها وخطابها مع المشروع الصهيوني الرافض للهوية الوطنية والثقافية للشعوب العربية ومنها شعب فلسطين تحديدا.
رسم ابو مازن بكلمته التاريخية ملامح المرحلة بوقائعها ومساراتها, فأكد على الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين, ووضع المجتمع الدولي أمام معادلة منطقية وعلمية صحيحة, فقد ربط الاستقرار والأمن بالعالم, باستقرار وامن الشعب الفلسطيني، فالرئيس لا يهدد، وإنما يحدد الأسباب بدقة، اذ لا يعقل مبادلة يد الشعب الفلسطيني الممدودة للسلام, بنيران جيش اسرائيل, وحملات عسكرية غير مسبوقة, حافلة بمشاهد وصور الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية, ومحاولات اذلاله وإخضاعه لقوة الاحتلال وبلطجة المستوطنين, فالرئيس قال بوضوح شديد: «لن ننسى, لن نغفر, وشعبنا لن يركع الا للواحد القهار، ولن ينعم احد في العالم بالأمن والاستقرار ما لم ينعم بهما اطفال فلسطين في غزة والقدس والضفة وكل مكان».
طرح الرئيس في كلمته مبادئ « خارطة طريق فلسطينية « تمكن شعبنا من الصمود وتعزيز المواجهة مع الاحتلال الاستيطاني, فقدم الوحدة الوطنية بقوله :«نملك وحدتنا وتماسكنا» كسبيل لإنهاء الاحتلال وتحقيق الحرية والاستقلال, مبينا أن التحلي بالمسؤولية الوطنية ونبذ الخلافات, والتحرر من النزعات الفصائلية والحزبية لصالح المصالح العليا للشعب الفلسطيني, وإخراج القضية الفلسطينية من التجاذبات الدولية والاقليمية, والتمسك بحكومة الوفاق الوطني كسبيل لإنهاء الانقسام, وتحقيق المصالحة, ومحاكمة وعقاب مرتكبي الجرائم ضد الشعب الفلسطيني, سبلا ومناهج عمل صادق لا بد منها لتحقيق الانتصار وانجاز الحرية والاستقلال بقيام دولة فلسطين بعاصمتها القدس.
يقرأ الرئيس الحدث الفلسطيني بعقلية ورؤية شمولية للقضية الفلسطينية وتداعيات الأحداث في منطقة جغرافية ما في الوطن, على مصير ومستقبل الشعب الفلسطيني وقضيته, فالاحتلال وإرهابه, ومنهج حكومة المستوطنين بإسرائيل السبب الأول والأخير للأحداث في قطاع غزة, والضفة والقدس الشرقية, وتصفية القضية الفلسطينية, وضرب وحدة الشعب الفلسطيني الجغرافية والسكانية والثقافية والسياسية هي الهدف الأول لحملاته وحروبه ومجازره منذ بدء رفع ركائز المشروع الصهيوني على ارض فلسطين وحتى اليوم والغد, فنحن هنا أمام سلطة في دولة احتلال تأمر باستخدام آلة القتل الدمار بهمجية وغطرسة, وتنتهك القوانين والقيم الأخلاقية والمواثيق والأعراف الدولية لمحو الحق الطبيعي والتاريخي للشعب الفلسطيني في ارضه, ومنعه من العيش عليها بحرية وكرامة, فان كان قادة دولة الاحتلال قد دحرجوا كرة النار من القدس والخليل نحو غزة, فإنهم سيعيدون توجيهها نحو منطلقها ويوجهونها فيما بعد نحو شعبنا في ال48 ان نجحوا بكسر ارادة الشعب الفلسطيني المادية والمعنوية والسياسية.
يتقن الرئيس استخدام لغة « رجل الدولة» المسؤول, فقيادة الشعب تعني أفكار وقرارات وأعمال وأفعال بموقع المقدمة, لأخذ الجماهير في المسارات الصحيحة المؤدية للأهداف الوطنية العامة, وليست خطابات انفعالية تقود الى انفاق مسدودة مشبعة بظلمة الأنا, فراحة الضمير هي منطلق القائد العقلاني, أما مبتغي «الرفعة» على راحات الجماهير المنفعلة من هول الاحداث وصور الدماء الانسانية المسفوكة فانه اما احمق أو انه بلا ضمير.