"محمود العرب" - موفق مطر
على رسلكم يا سادة.. فنحن من امة العرب والعرب لنا، وكل قول أو خطاب يستهدف أشقاءنا في العروبة والمصير الثقافة واللغة بسوء، هو لحرف اتجاه الصراع مع المشروع الاحتلال الاستيطاني، وهبة من السماء لإسرائيل ان لم تكن عن وعي، ومساعدة تخفف عبء المسؤولية عن دولة الاحتلال، فالاتجاه نحو تحميل (العرب) مسؤولية ما يحدث لنا في فلسطين يعني تبرئة إسرائيل، أو فتح جبهات صراع سياسي، واختلاق مشاكل امنية واقتصادية، وسياسية مع دول عربية، تنعكس على شعبنا في المهجر وقضيتنا.
سنخسر قلبنا العربي وعمقنا الاستراتيجي ان سمحنا لمراهقين تسلق منبر السياسة، وتصدير تصريحات وبيانات ومواقف ملوثة بجرثومة داء العداء والكراهية لمبادئ ومفاهيم الوطنية والقومية والإنسانية، وتحديدا العروبة، فهذا الذي يستهدفها في خطابه او ادبياته او على صفحات التواصل الاجتماعي يدرك ما يسعى اليه، ونحن نعلم هدفه وهو إصابتنا بذبحة قلبية تودي بعروبة قضيتنا ومركزيتها، وبنبض ثورتنا الفلسطينية المعاصرة، التي حددت في مبادئها الأساسية ان الثورة الفلسطينية فلسطينية الوجه عربية القلب انسانية وعالمية الجذور.
ينطلق انتهازيو الصراع واللحظات المصيرية في تاريخ شعبنا وامتنا للهجوم المنظم والمنسق على العرب كأمة والعروبة كثقافة ومبدأ في الايام من قواعد الجماعات والأحزاب والتيارات المستخدمة للدين، فيستغلون فيضان الآلام والمشاعر الانسانية في اوقات الحروب والخسائر البشرية فيها لتعويم وتعميم صور العداء للعروبة، أي لقوميتنا، ظنا منهم انهم بهذه الاساليب ينتصرون لمفاهيمهم الشمولية، المجردة من الانتماء الوطني والقومي والإنساني، في وقت يعلم اكثرهم أن المشروع الاحتلالي الاستيطاني الصهيوني قام على نكران الهوية الوطنية للشعب العربي الفلسطيني، وتصوير فلسطين التاريخية والطبيعية ككيان ليس ذا صلة بالوطن العربي وثقافة وتاريخ وحضارة الأمة العربية، لذلك لا نرى اية براءة في اغراق الشارع العربي بمثل هذا الخطاب في (اوقات الشدائد) وتحديدا ذلك الصادر عن اشخاص في مواقع مهمة وحساسة على الصعد القيادية السياسية، الثقافية، والاجتماعية! اما طغيان عبارات التهجم على العرب في صفحات التواصل الاجتماعي، فانه انعكاس لنجاح حملات تجهيل الشباب العربي، ومدى فقدان التوازن الفكري، وضعف المنطق لدى جيل وقطاع مهم من الأمة العربية، فقراءة هؤلاء للواقع العربي، كقراءة أبي جهل ( لكونفوشيوس ) باللغة الصينية، وهذا لعمرنا النتاج الطبيعي لمخطط التجهيل، وتفريغ عقل الانسان العربي من قدراته على الادراك والتحليل، فدون ذلك لا يمكنهم استخدامه كعود ثقاب، ورفع ارصدتهم السياسية بدمائه ودماء نسله.
الفرق واضح بين النقد الموضوعي للحكومات العربية، وبين التهجم اللفظي والمواقف السلبية المعلنة، فالمساحة الأولى حق بلا حدود يمارسه الفرد ايا كان موقعه بحكمة وحرص على المصالح الوطنية العليا، أما السبيل الآخر فانه يصنع لنا خصوما جدداً على الصعيدين الرسمي والشعبي، فالاخوة في العروبة ليست شعارا للقيادات السياسية وحسب، بل ايمان يجسده كل فرد من ثلاثمئة مليون عربي يؤمنون ان مصير فلسطين ارضا وشعبا يحسم مصيرهم كأمة، وإيمان يجسده كل فرد فلسطيني بأن انتزاعه من العروبة هو انتزاع لقلب ثورته وقضيته ومستقبله ايضا.
دعونا نتذكر شاعرنا الفلسطيني الخالد محمود درويش عندما صرخ بوجه عسكر الاحتلال: "سجل انا عربي ورقم بطاقتي خمسون ألف" .. فلو لم يستقو بقلبه وعقله العربي على (المحتل) لما اصبح رمزا عربيا ثقافيا للكفاح والحرية... فعاشت روحك فينا ابدا يا محمود العرب.