امطار ظ    60 عاما على انطلاقة الثورة الفلسطينية وحركة "فتح"    الاحتلال يهدم منشأة تجارية ومنزلين ويجرف اشجار زيتون في حزما وبيت حنينا    "التربية": 12,820 طالبا استُشهدوا و20,702 أصيبوا منذ بداية العدوان    الاحتلال يجبر الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الاندونيسي شمال قطاع غزة    إصابة 3 مواطنين واعتقال رابع إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس ومخيم بلاطة    الأمم المتحدة تطلب رأي "العدل الدولية" في التزامات إسرائيل في فلسطين    عدوان اسرائيلي على مخيم طولكرم: شهيد وتدمير كبير في البنية التحتية وممتلكات المواطنين    الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة  

الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة

الآن

هل بدأت حرب القدس ؟- يحيى رباح

نحن الآن في بداية الشهر الثالث من هذا العدوان الاسرائيلي الشامل ضد شعبنا ووحدته ومصالحته ومشروعه الوطني، وقد خطط الاحتلال لهذا العدوان الذي انطلق في الثاني عشر من حزيران الماضي بعد افشال المفاوضات، لأن تلك المفاوضات كان موضوعها الجوهري انهاء الاحتلال، ولذلك اصر نتنياهو على افشال المفاوضات لكي يجعلنا من خلال العدوان نخسر ما كسبناه وهو موقعنا المتقدم كدولة مراقب موقعة على عدد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية وكنا نتهيأ لاستكمال الانضمام الى بقية الثلاث وستين اتفاقية ومعاهدة ومنظمة دولية بما فيها محكمة الجنايات، بالاضافة الى نجاحنا على صعيد المصالحة وتشكيل حكومة الوفاق الوطني.

انطلق العدوان في الثاني عشر من حزيران الماضي على خلفية حادث مفتعل لم يتبنه احد وهو اختطاف وقتل ثلاثة شبان اسرائيليين، وكان ذلك الحادث مليئا بالمفارقات اللافتة:
من بينها أن الحادث وقع في منطقة ليس لنا عليها ولاية أمنية، وأن الشرطة تلقت بلاغا من احد المخطوفين ولم تتعامل معه بجدية، وأن الجهات الإسرائيلية لم تبلغ السلطة الفلسطينية إلا بعد أكثر من اثنتي عشرة ساعة، ثم بدأت توجيه الاتهام لحماس دون أي دليل، وكل ذلك جعل العدوان الإسرائيلي مبيتاً وشمل الضفة الغربية كلها بما فيها القدس، حيث اعتقل المئات، واستشهد من استشهد، وهدمت بيوت، وتم إحراق الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير من شعفاط حياً، قبل أن ينتقل العدوان بزخم أكبر وحقد أكثر إلى قطاع غزة وكان التدمير المتعمد والقتل المتعمد لكل شيء حتى تصبح الأجندة هي وقف العدوان وليس رحيل الاحتلال، ولكن بطولة وإبداع المقاومة والصمود الأسطوري لشبابنا في غزة جعل من الوحدة الوطنية بنداً أقوى، ومن المصالحة قدراً لا يمكن التراجع عنه، والمطالب الفلسطينية مطالب محقة لأن أكثرها أهمية وهي الميناء والمطار والممر الآمن كانت جزءاً من اتفاقيات أوسلو وبعضها كان متحققاً بصورة أو بأخرى وخاصة المطار.
قبل أن ندخل في الهدنة المؤقتة الأخيرة هي هدنة الخمسة أيام، اتضح أن الهوة بين الرؤيتين الفلسطينية والإسرائيلية بينهما فرق شاسع وهوة سحيقة، بينما نحن نطالب بكسر الحصار بكل أشكاله، فإن إسرائيل تطالب بنزع سلاح المقاومة، المسافة بين المطلبين أبعد من المسافة بين السماء والأرض، وما أن دخلنا في هدنة الخمسة أيام حتى أصبحت القدس من جديد هي هدف العدوان الإسرائيلي المستمر، فهل القدس صدمت العقل الإسرائيلي في تضامنها مع غزة؟ أم أن القدس هي أصلاً هدف العدوان الرئيسي منذ انطلاق هذا العدوان في الثاني عشر من حزيران الماضي.
ماجرى في القاهرة في هدنة الثلاثة أيام الأخيرة يكتنفه غموض كبير، وأنا أؤيد هذا الغموض إن كان الهدف من ورائه حماية المفاوضات، وحماية وحدة الوفد الفلسطيني، ولكن الواقع على الأرض سرعان ما يكشف كل شيء، وفي هذا الاشتباك وجهاً لوجه بيننا وبين الإسرائيليين لا يبقى مكان للغموض، وأعتقد أن الساعات من هنا إلى يوم الاثنين – موعد انتهاء الهدنة – ستكون من الساعات الأشد صعوبة وتعقيداً وضغطاً على الأعصاب، وخاصة لضخامة الخسائر الفلسطينية بشرياً ومادياً، ولأن الوقت يضغط بشكل كبير، فالنازحون الجدد ما زالوا خارج بيوتهم حيث لم يعد لهم بيوت، ومن الطبيعي أن كل ما نأمل به من إعادة إعمار وإعادة صياغة للحياة المحطمة في غزة، وإعادة تصعيد جهودنا نحو استكمال المصالحة وتكريسها أمراً واقعاً، لن يتم قبل صيغة نهائية من الهدوء، والهدنة الدائمة، ولهذا فإن دولة الاحتلال إسرائيل تفتح الآن معركة القدس قبل أن تعطينا أدنى فرصة لالتقاط الأنفاس، والسلوك الإسرائيلي يشير إلى أن "بروفة" تقسيم الأقصى زمنياً ومكانياً قد بدأت، فماذا سنفعل، وكيف نتعامل مع الخيارات.
في الأسبوعين الأخيرين من وجود وفدنا الموحد في القاهرة، ارتفع مستوى الحكمة والشعور بالمسؤولية، ودقة الحسابات، وكان من نتيجة ذلك حفاظنا على الوفد موحداً، وتحت سقف هذا الوفد المفوض استفاد الجميع، فقد فتحت حماس حواراً هو الأكثر جدية مع مصر، وتأكيد للجميع أن الشرعية الفلسطينية هي الحامي الأكبر لنا جميعاً كفلسطينيين، وما كان مرفوضاً من قبل بحضور الشرعية الوطنية في مفاصل الحلول السياسية والأمنية أصبح مقبولاً اليوم بل أصبح هو المطلب الفلسطيني الأول، وهذا شيء ثمين يجب الحفاظ عليه وتطويره، بل إن جدولة مطالبنا مع أنها كلها عادلة وملحة أصبح أكثر تفهماً ووعياً وقبولاً، وهذا يدل على أننا حين نكون معاً نستطيع أن نجد المخارج المفيدة لما يبدو صعباً ومعقداً، بل لقد استمر العقل الفلسطيني الهادئ يعمل حتى في أشد لحظات الاستفزاز الإسرائيلي، وكمثال على ذلك فإن الاختراق الذي قامت به إسرائيل للهدنة الأخيرة، بدعوى إطلاق صواريخ من غزة، لم يقابل باختراق مماثل، بل حماس نفت قيامها بإطلاق صواريخ وإسرائيل اعترفت أو ادعت أن صفارات الأنذار أطلقت بالخطأ، كما أن اللغة التي يتحدث بها أعضاء الوفد وخاصة قيادات حماس مثل الدكتور خليل الحية وعزت الرشق كانت أكثر هدوءاً وإيجابية من اللغة التي تستخدمها بعض الفضائيات المؤيدة لحماس أو الناطقة باسمها، أي النضج السياسي سبق الوعي الإعلامي بمراحل، وهذه كلها علامات إيجابية يجب تثمينها والبناء عليها واعتمادها منهجياً في التعامل مع اللحظات الصعبة التي نمر بها الآن.
فمختصر القول: لقد حققنا مكاسب كبيرة في المعركة الميدانية والسياسية بسبب دقة الحسابات، وعدم تجاهل الحقائق، وإعادة اكتشاف أنفسنا، والحرص الشديد في استخدام عناصر القوة، وإذا كرسنا هذا المنهج، ورغم كثرة الذين يحفرون الحفر في الطريق، فسوف نهتدي إلى الأسلوب الأفضل الذي يجعلنا نحافظ على مكاسبنا ونتقدم نحو المزيد بدل أن نتهور ونعود إلى نقطة الصفر من جديد.

 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025