الوحدة الوطنية .. وعي الضرورة
احيانا واحيانا كثيرة تبدو "الوحدة الوطنية" ولكثرة الحديث عنها، انها مجرد شعار وخطاب مهرجان حزبي، وجملة بيان سياسي غالبا، يقولها الجميع دون استثناء ويمجدها الجميع ويطالبون بها ضمانة لدحر الاحتلال وانتصار مسيرة النضال الوطني، لكن هذه الجملة الايقونية تغيب تماما حين التزاحم الفصائلي على الاستقطاب الشعبوي، خاصة عند فصائل الفكرة العقائدية، المحمولة على التطلعات الرغائبية التي اخطرها التعالي والاقصاء للآخرين ...!!
الأمر وما فيه ان الوحدة الوطنية عند بعض هذه الفصائل ليست نتاج الفكرة الوطنية بحد ذاتها، ولا تاريخ لها في ادبياتها على نحو ما يكرسها وعيا خالصا بمنهج عمل لا يقبل المساومة أو المتاجرة بها، بعكس ما يصدر عن حركة التحرر الوطني بقيادتها الشرعية في منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية، من لغة وحدوية جامعة، لا تعبر عن استخدامات انتهازية لهذه اللغة، بقدر ما تعبر عن وعي خالص بالضرورة التاريخية للوحدة الوطنية واهميتها الاستراتيجية لضمان تحقيق اهداف المشروع التحرري الوطني، وفي التجربة الراهنة لتجليات الوحدة الوطنية، في ظل مواجهة العدوان الاسرائيلي، والتي يعيد صياغتها بل ويؤكد ضرورتها دم الضحايا الابرياء الذي سفكه العدوان الاسرائيلي الوحشي في غزة، نلمس وعلى نحو بالغ الوضوح والمصداقية، لماذا هذا الاصرار على اعتماد لغة الوحدة الوطنية في خطاب الشرعية الفلسطينية ورفضه الانجرار وراء أقاويل التمايز الدعائية الاقصائية في غاياتها غير الوطنية، أو الرد عليها في مناكفات لا طائل من ورائها.
وانطلاقا من هذا الوعي، نعني وعي حركة التحرر الوطني بالضرورة التاريخية والأهمية الاستراتيجية للوحدة الوطنية، تشكل الوفد الفلسطيني الموحد لمفاوضات القاهرة، وبنفس القدر من هذا الوعي يؤكد خطاب هذا الوفد وفي نضاله على طاولة المفاوضات غير المباشرة، وقد تجلت وحدته على افضل صورة حتى الآن، يؤكد في كل لحظة، ان الوحدة الوطنية وحدها القادرة على تحقيق الانجاز التاريخي الكبير في انهاء العدوان الاسرائيلي تماما، على قاعدة اتفاق يحقق لشعبنا المزيد من تطلعاته العادلة وفق معادلة الحل الشامل الذي ينهي الاحتلال ويقيم الدولة الفلسطينة المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.
لا بديل عن الوحدة اذا ولا مناص من ادراك هذه الحقيقة في الوعي والسلوك والموقف بعيدا عن شعارات المهرجان وجملة البيان السياسي في غاياته الانتهازية.
كلمة الحياة الجديدة