لغة الوطن الوحدوية - فتحي البس
يقود عزام الاحمد، الوفد الفلسطيني المفاوض، برؤية المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، بعيدا عن الانتماء الفصائلي، ويحاول تجاوز تأثير التحالفات الاقليمية أو تحييدها لكي يظل الوفد "موحدا فعلا وليس قولا" كما أوضح في برنامج حال السياسة على قناة عودة الفلسطينية ليل الخميس الماضي. أوضح الاحمد بلغة لا تقبل التشكيك أو التأويل أن بعض وسائل الاعلام والفضائيات العربية وقعت في الفخ الاسرائيلي الذي أراد أن يبقي الانقسام ويستفيد منه من خلال التركيز على أن المطالب الفلسطينية كانت فصائلية يطرحها بعض أعضاء الوفد، بينما هي في حقيقة الامر صياغة جماعية بعضها وأهمها، مثل الميناء والمطار، صيغت في رام الله، في اجتماع القيادة الفلسطينية، قبل سفر الوفد المفاوض، وتم اعتمادها في اجتماع اعضاء الوفد الذين جاؤوا من ساحات مختلفة، ويمثلون تعددية القوى العاملة على الارض، فكان لا بد من توحيد لغتهم ومطالبهم. وهذا ما حصل منذ اللحظة الاولى: وفد فلسطيني موحد يواجه وفد حكومة اسرائيل عبر الشقيقة مصر، وبمساندتها كما أوضح الاحمد.
الاحمد، الذي صمد أمام تهديد وخطر ابو نضال عليه في بغداد وقبل ان يكون سفيرا هناك ملتزما بالشرعية الفلسطينية ووحدة تمثيل منظمة التحرير لها، رغم تأييد النظام العراقي القوي آنذاك لأبي نضال، استمر على النهج الوحدوي نفسه، أثناء مراحل حياته السياسية سواء كان في قيادة اتحاد طلاب فلسطين في القاهرة أو لاحقا بعد انتقال مركز الصراع الى الداخل، ولم يتعرض لأي نقد سلبي وطني أو اخلاقي أو مالي أثناء عمله وزيرا ولا عندما شغل منصب نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية التي شكلها اسماعيل هنية إلى أن وقع الانقلاب وتكرس الانقسام، وظل يعمل بجد وجهد وطني صادق حتى انتهت الجهود وسمحت الظروف بتشكيل حكومة الوفاق الوطني نتيجة اتفاق الشاطئ التنفيذي لاتفاق القاهرة.
كان واضحا في التزامه وإصراره على أن الانقسام يهدد المشروع الوطني الفلسطيني، ولما أسند اليه الرئيس محمود عباس رئاسة الوفد الفلسطيني استنادا إلى معرفته بأن فصائل منظمة التحرير وحركة حماس والجهاد تقبل به دون تحفظ، قبل الدور وراقبناه اثناء عمل الوفد لا يقول إلا ما هو ايجابي، ويصبر على بعض التسريبات والتصريحات غير الوحدوية ويعمل بصمت على تجسير المواقف ومحاصرة انعكاس العلاقة بين حماس والنظام المصري الجديد على العمل لتحقيق مطالب الكل الفلسطيني.
وفي برنامج حال السياسة المشار اليه، وقبل ساعات من الموعد المأمول لإنجاز اتفاق شامل عبر عن الكل الفلسطيني قائلا: "نحن لم نطالب بشيء جديد، فالمطالب الفلسطينية المطروحة على طاولة البحث هي حقوق لشعبنا، ونحن لا نريد شيئا منهم، نريد حقوقنا التي سرقوها، وهذا قلناه للجانب المصري، والمطار كان يعمل والرئيس الاميركي الأسبق بيل كلينتون هبط فيه، والرئيس الشهيد ياسر عرفات استخدمه عشرات المرات، والخطوط الجوية الفلسطينية كانت تسير رحلاتها يوميا، فهذا حق نعمل على استعادته".
وشدد على أن "الوفد يتعامل مع جميع القضايا المطروحة على طاولة المفاوضات رزمة واحدة، مضيفا: نحن أمام خيار واحد إما أن نتفق أو ألا نتفق، فلا نقبل بحلول جزئية أو اتفاق هزيل".
عزام الاحمد قيادي وطني فلسطيني، يقود مفاوضات صعبة، تستند الى رؤية واضحة تبعد الفلسطينيين عن صراعات لا نحتاجها، وربما تتكلل جهوده في بداية صفحة جديدة في العلاقات المصرية مع حركة حماس، حيث لا بد أن يسجل للقيادة الفلسطينية، ومنها عزام الاحمد، انه في الوقت الذي صنفت دول وقوى عالمية واقليمية حركة حماس على أنها إرهابية، رفضت هذه القيادة اعتماد هذا التصنيف وأصرت على أن حماس، حركة فلسطينية وطنية رغم أي خلاف معها.
اتمنى مع كل أبناء شعبنا، أن ينجز الاحمد هذه المهمة بنجاح كما فعل في السابق.