نعدكم بمحاكمة عادلة - فتحي البس
اكتسح النازيون اوروبا في الحرب العالمية الثانية. تفننوا بالقتل والتعذيب والترهيب. من بين ضحاياهم، يوليوس فوتشيك، القائد العمالي الشيوعي في تشيكوسلوفاكيا. تهمته مقاومة النازية والتحريض ضدها والدفاع عن وطنه. اعتقلوه في آذار 1939 ومارسوا بحقه أعتى صنوف التعذيب، وفي نهاية المطاف، وفي الثامن من أيلول 1943، أعدموه بقطع رأسه في أحد سجون برلين.
خلال فترة سجنه، نجح في تهريب روايته "تحت أعواد المشنقة" بواسطة أحد حراسه الذين تعاطفوا معه. اعتبرت من روائع الأدب العالمي لما فيها من المعاني الاخلاقية العليا والقيم الانسانية ودروس في الاصرار على الحق والتحمل والتضحية.
في الرواية، يروي ما حصل معه في السجن، والأهم انه قبل تنفيذ حكم الإعدام، ساومه النازيون على إطلاق سراحه والغاء حكم الإعدام مقابل التنديد بالمقاومة والحزب. بهدوء ابتسم لهم وطلب منهم منحه فرصة للتفكير بعرضهم.
جاءوه فوجدوه في مزاج رائع، وكأنه مقبل على الحياة فرح، فظنوا أنه افتدى حياته بالتجاوب مع العرض.
صعقهم عندما أجاب بأنه فكر طويلا وقرّر ما يلي: "مقابل عرضكم السخيّ، أعدكم عندما ننتصر، بالعمل على تقديمكم لمحاكمات عادلة".
النازيون الجدد يرتكبون بحق شعبنا أبشع بكثير مما ارتكب النازيون بحق البشرية التي دفعت ملايين الضحايا ثمن الحرية، وقد يطول الزمن، ومهما فعلوا بنا وساوموا وقدموا اغراءات لوقف نزيف دمنا وقرارات إعدام أبناء شعبنا، جوابنا المؤكد، وبلسان كل أبناء شعبنا، وبصوت العزة والكرامة هو:نعدكم عندما ننتصر أن نقدمكم لمحاكمات عادلة.