معادلة النصر- حافظ البرغوثي
أشرت في مقال سابق إلى كاتبة صحفية تكتب يومياتها تحت القصف بشكل إنساني لا سياسي ولا تقحم قلمها في الطعن والنزال.. تتحدث عن حياة أسرة تحت القصف.. عن الشارع وعن الحارة عن الاصابات والشهداء.. عن أولادها وبناتها.. وشط قلمها ذات يوم وكتبت عن طفل يبحث في القمامة عن طعام.. فثارت ثائرة القوم الفوارس واتهموها بالخيانة العظمى وطعنوها في كرامتها ولاحقوا ابنتها بالإشاعات لأنها لم تكتب ما يريدونه.. لم تقل انها رأت ملائكة يهبطون من السماء ويصدون العدو.. ولم تقل ان أطفال غزة الشهداء كانوا يتوقون للشهادة ويطاردون صواريخ العدو لكي تشملهم بشظاياها.. ولم تقل ان المهجرين وعددهم أكثر من ثلث سكان غزة يعيشون في نعيم مقيم سعداء بما حباهم الاحتلال من دمار..
هذا هو الواقع الذي يتعرض له كل من يدعو لوقف العدوان وحقن دماء الأبرياء.. ألم نسمع الشيخ حسن نصر الله من موقع المنتصر في حرب جنوب لبنان يقول بعد الحرب لو علمت أن الرد الإسرائيلي على خطف الجنود الثلاثة سيكون بهذا الحجم من الدمار لبيروت والقرى اللبنانية لما أقدمنا على أسر الجنود..! ألم يقل من قبله أبو عمار في بيروت أثناء حصارها الطويل وعزلها عن العالم.. لولا أطفال ونساء بيروت لما خرجنا بل صمدنا..! لكن أخانا خالد مشعل اعترف قبل ايام بأن حماس وراء خطف المستوطنين الثلاثة.. بعد أن نفى ذلك مطولاً.. لم يقل لو علمت أن نتيجة خطف المستوطنين ستؤدي إلى دمار غزة وهذا العدد من الشهداء لما أقدمنا على الخطف. الزعيم ينتقد نفسه بتواضع ولا يخشى الاعتراف إلا إذا كان يعتبر نفسه منزها ومعصوما، والعصمة لا تكون إلا لنبي.