مكافأة شعبنا - حافظ البرغوثي
الآن وقد وضعت الحرب أوزارها وخلعت الناس إزارها واحتفلنا بالنصر أيما احتفال وفقا لتعميم الإخوان في كل مكان.. حان وقت العمل لإيواء من فقدوا منازلهم.. وترميم ما أفسده الاحتلال وإصلاح ما يمكن إصلاحه وإعادة استصلاح الأرض التي دمرتها القذائف والصواريخ ودبابات الاحتلال. وهذه الأمور تتطلب أولا.. هدنة طويلة الأمد.. وفتح المعابر وعقد مؤتمر دولي لجمع الأموال اللازمة وحرية حركة بين غزة ومصر وبين الضفة وغزة.. وفوق هذا وذاك حكومة فاعلة على الأرض تمارس سلطاتها بقوة القانون وليس بقوة السلاح.
إذاً كل هذا يحتاج إلى السلطة الوطنية وفقا للاتفاق الأخير.. ففتح المعابر وإدخال مواد البناء والإعمار يشترط وجود قوات السلطة على المعابر.. وفتح معبر رفح أيضاً يشترط وجود قوات للسلطة على المعبر.. والدول المانحة لن تمنح إلا إذا كانت هناك سلطة شرعية تتولى الأمور.. والهدنة الدائمة تفترض وجود سلطة مسؤولة تمارس مسؤوليتها على الأرض.
هذه الأمور كلها متوقفة على بسط السلطة سيادتها على غزة بالكامل.. وهذا يتطلب توافقا وطنيا حاسما حول ذلك ومن دونه لا يمكن الإعمار ولا الترميم ولا البناء ولا حشد الدعم ولا فتح المعابر. ولهذا استغرب بعض تصريحات الإخوة في حركة حماس وغيرها فهذا ينعى أوسلو ويعتبر أن المعركة الأخيرة اسقطت أوسلو.. مع أنه يعلم أن الاحتلال أسقط أوسلو منذ عهد القائد الشهيد أبو عمار.. وشن حرباً في الضفة وغزة لإسقاط أوسلو..
وآخر يريد المباشرة ببناء الميناء.. وثالث يكتب خطاب النصر من المسجد الأقصى لاحقاً.. ورابع لا يريد سلطة تسيطر على سلاح المقاومة.. وكأن السلطة طالبته بنزع سلاحه مع أن أميركا وبعض حلفاء حماس ناقشوا ذلك وربما سيطرحونه على مجلس الأمن لاحقاً.
نحن بحاجة إلى الانتقال نحو الجهاد الأكبر وهو مجاهدة النفس إن أردنا مكافأة شعبنا في غزة على صموده وتضحياته وإعادة البناء والإعمار. فلنخفض من هتافاتنا وشعاراتنا ولنحاول التواضع أمام شعبنا فهو الذي ضحى أكثر من الفصائل نفسها.. وفي أعناقنا دين إعادة تعويضه وبناء ما دمره الاحتلال. وهذا كله لا يتأتى إلا بترسيخ المصالحة وإطلاق يد حكومة توافق وتوسيعها لتعمل على الأرض. ودون ذلك سننتقل من كارثة إنسانية إلى أخرى.