الوعي العربي - حافظ البرغوثي
غاب التيار القومي العربي.. لم يعد أحد يستطيع المجاهرة بأنه عربي.. عمل الغرب الاستعماري على ضرب أي نظام قومي حقيقي مثلما حدث في مصر الناصرية. فأدخلوا عبد الناصر في دوامة منذ البدء ولم يكن يدور في خلده محاربة إسرائيل بل بناء مصر وتنميتها وبناء السد العالي.. منعوا عنه التمويل للسد إلا بشروط الخضوع.. وشنوا عليه العدوان الثلاثي عندما استعاد قناة السويس وجروه إلى حرب باليمن وشنوا عليه عدوان 1967 الذي تحمست له جماعة الاخوان آنذاك.
الآن مطلوب إعادة الوعي العربي بين الشباب فالمشروع الإسلامي السياسي الذي أطلقه الانجليز أيام الاستعمار لضرب التوجه القومي واستخدموه لضرب الناصرية وبقاياها أيام السادات أثبت أنه مشروع تدميري وليس مشروع بناء.. فأينما ظهرت الأحزاب والتيارات المدعية بالدين حلت الكوارث والفتن والمذابح، وآخرها داعش بنت أردوغان.
ليس هناك تضارب بين العروبة والإسلام فنحن أمة أعزها الله بالإسلام وإذا ذلت ذل الإسلام ولعل هذه الفتن المستشرية ناتجة أصلاً عن استقاء الكثيرين للدين من هوامش غير عربية مبتعدين عن النص الأصلي ومتبعين اجتهادات وضعية وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم ترك ديننا ناقصاً حتى يأتي أناس لإتمامه وتجاهلوا اليوم أكملت لكم دينكم ورضيت لكم الإسلام دينا.
إعادة بث الوعي القومي العربي تجمع المجتمعات العربية ولا تفرقها ولا تثير الفتن والقلاقل. فهل استطبنا المذلة المقيمة والمذابح المحيطة والمؤامرات المتوالية؟
يجب إيجاد وسائل نشر وندوات وصحف ونقاشات لنشر الوعي العربي من جديد ليس بهدف التخرب بل بهدف التوعية الجماعية والفردية بعروبتنا ولغتنا وتراثنا فالذين باعونا الربيع العربي للقضاء على الفكرة القومية العربية هم أنفسهم الذين يسمسرون للأقليات في العالم العربي لتأخذ استقلالها وانفصالها.. فلماذا يحللون على غير العرب الاستقلال والانفصال ويحرمون على العرب الاستقلال والتوحد؟