حرب شاملة برؤوس متعددة - يحيى رباح
اسرائيل نتنياهو-ان جازت لنا هذه التسمية, في سباق شديد ومضطرب مع الزمن, لانها تدرك ان الوضع القائم حاليا والمتمثل بغياب الدور العربي لصالح ادوار اقليمية مؤقتة ووجود نظام دولي غير متوازن لن يستمر طويلا, ولذلك يطمح نتنياهو وائتلافه الحالي انتهاز الفرصة الى أبعد مدى والفرصة المتاحة الآن والتي لن تستمر طويلا تجعل من كل مفردات الاسلام السياسي ابتداء من التنظيم الدولي للاخوان المسلمين مرورا بالقاعدة التي خفت صيتها كثيرا, بالاضافة الى داعش وجبهة النصرة وانصار الشريعة وغيرهم يلعبون دورا سلبيا تستثمره اسرائيل ابشع استثمار, واحد وجوه الاستثمار البشع لهذا الحال القائم هو شن حرب شاملة ضد المشروع الفلسطيني بهدف إبادته نهائيا, حرب برؤوس عديدة من بينها استخدام اقصى درجات العنف والتدمير كما حدث على امتداد واحد وخمسين يوما في قطاع غزة, حيث تقدير الخسائر البشرية والمادية لم يستقر عند نقطة نهائية حتى الآن لأن الحرب لم تتوقف بل هي مستمرة في موجات متعاقبة, بدأت في الثاني عشر من حزيران في عموم الضفة والقدس, حيث كانت الاجتياحات وعمليات القتل الفردي وهدم البيوت وتخريب الاراضي وموجات الاستيطان, ثم انتقلت الى قطاع غزة بمعدلات لا سابق لها في القتل والتدمير –هذا ما تقوله التقارير الدولية –حيث إعادة الاعمار تحتاج من عشر سنوات الى خمس عشرة سنة على أقل تقدير. وهل هناك من يضمن أن نحصل على هدوء يستغرق كل هذه المدة؟ ثم ان شروط اعادة الاعمار التي رأيناها في الماضي والتي نسمعها اليوم تكاد تكون شروطا تعجيزية.
اسرائيل في حربها الشاملة ضدنا تريد ان تعيدنا الى نقطة الصفر, أي بقاء الاحتلال والتعامل مع تداعياته سواء كانت هذه التداعيات تتطلب تحسين ظروف الحياة الانسانية, أو رمي قطاع غزة وراء السياج لانه يشكل كتلة بشرية كبيرة في مكان ضيق جدا لا يولد سوى الانفجار, او تعجيز الحركة الوطنية للقبول بصيغة نهائية للحكم الذاتي بشروط محسنة
في مواجهة هذه الحرب الفلسطينية الشاملة يستخدم فيها العنف الى اقصى مدى, والتدمير باشكال مروعة, وموجات الاستيطان الكبرى واخرها مصادرة اربعة الاف دونم جنوب بيت لحم, واستمرار موجات الاعتقال وهدم البيوت وترك قطاع غزة محطما في ظل معادلة هدوء مقابل هدوء, ينهض مشروعنا الوطني الذي يعتمد على قوة الاشتباك الفلسطيني, باعادة رفع الموضوع الى صيغته الاعلى, دولة او لا دولة, وليس أي حل آخر, فاما دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وقطاع غزة جزء عضوي منها والقدس عاصمة لها, وإلا فإن الصراع مفتوح على أمل بأن تتغير الظروف المحيطة في المنطقة وتغير واقع المنطقة سيكون شرطا رئيسيا لاحداث جدية ومسؤولية اكبر على صعيد النظام الدولي.
الزمن لدى اسرائيل ليس مفتوحا بالمجان, ولذلك نرى هذا السباق الاسرائيلي المحموم مع الزمن, ومحاولة تدمير كل العقبات امام المشروع الاسرائيلي وفرض الامر الواقع وجعل الاستيطان حقيقة نهائية, والغاء العناصر الموضوعية لمشروع الدولة الفلسطينية.
الصراع مفتوح, ومن المحتمل ان يزداد عنفا وتتغير فيه المعطيات بشكل حاد, وكان لدينا أمل ان يدور هذا الصراع ونحن في صيغة افضل من صيغ الوحدة الوطنية لكي نتجنب العوامل السلبية لتجاذبات الاقليم, ولكن مع الاسف فان حماس كجزء من التنظيم الدولي للاخوان المسلمين لا تساعدنا في هذا الصراع المفتوح, انها تشكل (عقب اخيل) اي نقطة الضعف القاتلة, وقدرتها تستخدم فقط في كونها عاملا سلبيا وليس عاملا ايجابيا, ورهانها حتى الان قائم على الالتحاق بالاخر وليس الانضواء تحت لواء الشرعية الفلسطينية, رافضة كل مكاسب الشراكة المعروضة عليها, انها ترفض دور الشريك وتستخدم لكي تكون البديل مع انها لا تملك القدرة على ذلك, وكلما اوغلت في ذلك فإنها تصبح عقبة ليس فقط امام الطموح الفلسطيني, وانما تجد نفسها طعنة خنجر في صدر المشروع العربي كله !!! وانا شخصيا اعتقد ان كل الجهود الرامية الى استيعاب حركة حماس, هي جهود ضائعة بلا ثمن.