الأحمد يلتقي القنصل العام البريطاني لدى فلسطين    "هيئة الأسرى": الأسير فادي أبو عطية تعرض لتعذيب وحشي أثناء اعتقاله    سلسلة غارات للاحتلال تستهدف مناطق متفرقة في لبنان    رام الله: قوى الأمن تحبط محاولة سطو مسلح على محل صرافة وتقبض على 4 متهمين    أبو الغيط: جميع الأطروحات التي تسعى للالتفاف على حل الدولتين أو ظلم الشعب الفلسطيني ستطيل أمد الصراع وتعمق الكراهية    قوات الاحتلال تغلق حاجز الكونتينر شمال شرق بيت لحم    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم جنين لليوم الـ34    لليوم الـ28: الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها    الاحتلال يقتحم قباطية ويجرف شوارع ويدمر البنية التحتية    الطقس: فرصة ضعيفة لسقوط الامطار وزخات خفيفة من الثلج على المرتفعات    الاحتلال يؤجل الافراج عن الدفعة السابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار    شهر من العدوان الاسرائيلي على مدينة ومخيم جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم وسط اعتقالات وتدمير واسع للبنية التحتية    الرئيس يصدر قرارا بتعيين رائد أبو الحمص رئيسا لهيئة شؤون الاسرى والمحررين    معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال  

معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال

الآن

الحديث عن الهجرة - د. أسامة الفرا

غدا سأبدأ حياتي من جديد، أعلم أن البداية ستكون صعبة، وصعوبتها لا تكمن في قسوة الحياة أو مشقة العمل، بل في فراق الأهل والأحبة والأصدقاء والمدينة والحي والزقاق، الحنين لا يرتبط فقط بالكائنات الحية بل يمتد لكل التفاصيل الصغيرة التي كان للمكان دور في تشكيلها داخل الوجدان، لا أرغب في سماع موعظة الانتماء للأرض والوطن لما لها من بعد تشكيكي بعشقي له، كأن رحيلي عنه يقطع الحبل السري بيننا، الحبل الذي ما زال ينظر إليه البعض بماديته، دون أن يدرك حقيقة الخلق التي تقوم على أن الطفل لا يفقد ارتباطه بأمه فور خروجه من رحمها وقطع الحبل السري بينهما. 
كان من الواضح أن الشاب اتخذ قراره بالهجرة بعد صراع داخلي امتد طويلاً، وحين حزم أمره لا يريد أن يسمع ما يثبطه فيما عزم عليه، فهو يعرف التفاصيل الدقيقة لرحلته نحو المجهول، حفظها عن ظهر قلب، بدءاً من ليلته الأخيرة التي سيمضيها مع أهله، وما عليه أن يفعله كي لا يكتشف الأهل سره الذي أباح به لبعض الأصدقاء ولم يتمكن من فعل الشيء ذاته مع والديه، هو يدرك جيداً أن الهجرة لا يمكن تقبلها من الأهل، وبالتالي لن يخبرهم بقراره إلا بعد أن يكون قد غادر جغرافية الوطن، وهو يعرف على وجه الدقة خارطة الرحلة ومتطلباتها والعقبات التي تنتظره في البر والبحر، كل ما بات يتمناه أن يحط بأقدامه على شواطئ البحر الشمالية.
منحنى هجرة الشباب من قطاع غزة آخذ بالارتفاع بشكل ملحوظ في الأشهر القليلة السابقة، الملفت فيها أنها لم تعد بالصعوبة التي كانت عليه في السابق، لا من حيث العراقيل التي تكتنف الرحلة من أرض الوطن حتى الشواطئ الأوروبية، ولا من حيث المعوقات التي كانت تضعها الدول الأوروبية أمام الهجرة غير الشرعية. 
على مدار سنوات عدة شاركت في العديد من المؤتمرات التي نظمتها دول الاتحاد الاوروبي، كان دوماً موضوع الهجرة غير الشرعية بنداً على أجندتها سواء كان عنوان المؤتمر له علاقة به أم بعيداً عنه، الهجرة الغير شرعية بمثابة الهاجس الذي يقلق مضجع دول الاتحاد الأوروبي، ولا يمكن لحزب سياسي أن يتجاهل الهجرة غير الشرعية في برامجه، فما الذي حصل حتى تفتح الدول الأوروبية ابوابها أمام هجرة الشباب وبالتحديد من قطاع غزة؟، هل يأتي ذلك ضمن منظومة عمل سياسي نجهل تفاصيلها أم أن العصابات التي تشرف على الهجرة غير الشرعية باتت أكثر تنظيماً ومقدرة على اختراق قواعدها؟.
لا شك أن المقبلين من قطاع غزة يحظون بتسهيلات لا تتوفر للشباب العربي، وهو ما يدفع البعض من شباب العرب للادعاء بأنه من سكان قطاع غزة، وهو ما دفع الدول الأوروبية لتضمين المقابلة بجملة من الأسئلة يتم التأكد من خلال الاجابة عنها إن كان المهاجر بالفعل من غزة أو أن قدميه لم تطأا غزة بالمطلق.
ليس مطلوباً منا أن نبحث عن آلية لمنع هجرة الشباب، بل علينا أن نعالج الأسباب التي تدفع الشباب للتفكير بالهجرة، مؤكداً أن نسبة البطالة المرتفعة في قطاع غزة وحالة الفقر المدقع تقف على رأسها، أكثر من مائة ألف خريج جامعي انضموا خلال السنوات القليلة السابقة لجيش العاطلين عن العمل، ألا يشكل هذا الرقم بحد ذاته هاجساً علينا ألا نغفل تداعياته عند الحديث عن الهجرة؟.

 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025