المصالحة وعي وثقافة وممارسة - وليد ظاهر
فعلت خيراً اللجنة المركزية لحركة فتح بتشكيل وفد خماسي للحوار مع حركة حماس، فإنها بالرغم من توقيعها على اتفاق الشاطئ للمصالحة وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، الا ان ممارسات حركة حماس على الارض لم تتغير، فإعلامها والناطقين بإسمها استمروا بالتحريض على القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس الفسطيني وكذلك حركة فتح، وشكلت حماس حكومة ظل في غزة ولم تسمح لحكومة التوافق بممارسة مهامها، وكلنا يذكر الاستقبال الغير الأخلاقي لوزير الصحة عندما ذهب الى غزة للاطلاع على الأمور عن كثب اثناء العدوان الاسرائيلي على غزة، وفرض الاقامة الجبرية وإطلاق النار على ارجل كوادر ومناضلي حركة فتح، مما أدى الى استشهاد المناضل اشرف ابو حميد بالاقامة الجبرية، وقتل فواز كلاب من كوادر الجبهة الشعبية والذي امضى في سجون الاحتلال 16 عاماً، وقتل ايمن طه القيادي بحماس وإلقاء جثته امام مستشفى الشفاء، مع العلم انه كان معتقل لدى الأمن الداخلي لحركة حماس، ومداهمة ومصادرة وثائق من مكاتب كل من حزب الشعب وفدا، وإعدام حماس لـ18 عميلاً، دون عرضهم على محاكم وتقديم الادلة لكي ينالوا عقابهم، وكل ما سبق حدث اثناء العدوان الاسرائيلي على غزة، وليس آخراً إنكار حركة حماس لخطف مستوطنين بالقرب من مدينة الخليل بالضفة، ليتبين لاحقا ان حماس من يقف ورائها.
وبدوره قام نتياهو بإعلان حرب شاملة على شعبنا بالضفة بذريعة البحث عن المستوطنين، مع علمنا ان نتياهو لم يكن بحاجة الى اي ذريعة لارتكاب جرائمه، لكن لا يمكن التضحية بالشعب الفلسطيني بذريعة الحسابات الخاطئة، بل يجب ان يكون هناك محاسبة، فقرار الحرب والسلم قرار شعب وليس قرار يحتكره فصيل او فئة حسب مصلحته وهواه.
وهنا لا نستطيع ان نغفل ان حكومة نتياهو تعاني من عزلة دولية وائتلاف حكومته كان معرض للانهيار، والقناعة الدولية أصبحت ان حكومة نتياهو لا تريد الانخراط في عملية السلام، بل تمارس سياسات تقوض حل الدولتين.
وفي المقابل كانت حماس تعاني من عزلة وضعف، بسبب انقلابها على الشرعية الفلسطينية، وربط قرارها بالتنظيم الدولي للاخوان المسلمين، وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول العربية.
فكان حرياً بحركة حماس ان تقابل القيادة الفلسطينية، التي تؤكد في كل محفل ان حماس جزءً من الشعب الفلسطيني، وقد مدت حبل النجاة لها بالرغم من الضغوط التي تعرضت لها، فالقيادة الفلسطينية تحضر لخوض معركة شرسة على المسرح الدولي عنوانها "معركة الاستقلال الفلسطيني وازالة الاحتلال"، ومن وعيها لضرورة مواجهة العالم موحدين، في المقابل نجد حماس تستمر بفكر الانقسام وعدم قبول الآخر وتطرح نفسها بديلاً للشرعية وللمشروع الوطني الفلسطيني، وتخرج اليوم علينا حماس بتصريحات قديمة جديدة تكرر الاسطوانة القديمة بتقزيم القضية الفلسطينية، ففي السابق كان فتح معبر رفح واليوم رواتب موظفيها، وهنا نتسائل الم يحن الوقت بنظر حماس للترفع عن المطالب الضيقة الفصائلية والانضمام الى الكل الوطني الفلسطيني للمطالبة بإزالة الاحتلال.
اليوم مطلوب ان تعلن حماس فك ارتباطها بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، والانضمام الى منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، على ارضية الشراكة السياسية وقبول الآخر والاحتكام الى الحوار وصندوق الاقتراع، لانه بصراحة دون ان تقوم حماس بإجراء مراجعة ذاتية، تفضي بها الى العودة الى فلسطنيتها لن يكون هناك مصالحة.
وأخيراً نقول الامور تقاس بنتائجها، وتحقيق المصالحة يتطلب وعي وثقافة وممارسة وليس توقيع على وثيقة.