حماس والمفاوضات.. مباشرة ام غير مباشرة - حسن الكاشف
اثارت تصريحات الاخ موسى ابو مرزوق حول المفاوضات مع اسرائيل ردود فعل حمساوية وفلسطينية كثيرة ومتباينة، ومع ان الدوافع الحقيقية لإطلاق هذه التصريحات وتوقيتها تظل من باب التحليل والقراءات السياسية إلا ان هذه التصريحات وما سبقها من تعقيب انتقد فيه الاخ موسى اعدام حماس لعملاء اثناء الحرب علناً في اماكن عامة خارج السجن دون الاشارة الى محاكمات، تحسب لحركة حماس والحرص عليها ولا تحسب عليها.
وإذا كانت انتقاداته لعمليات الاعدام تصب في خانة الحرص على عدم مقارنة حماس بداعش وإعداماتها، فإن التصريحات الخاصة بالمفاوضات تؤكد حضور مسألة المفاوضات في التفكير القيادي الحمساوي، وهذا طبيعي ومتوقع.
اتفق قادة حماس مع زميلهم موسى ابو مرزوق على قبولهم بالمفاوضات غير المباشرة، واختلفوا معه على المفاوضات المباشرة التي وردت في تصريحاته من باب التلويح وكرسالة وصلت الى الاوساط الفلسطينية المسؤولة والى الوسط الحكومي الاسرائيلي.
ربما يظل النموذج الوحيد المعروف للمفاوضات الحمساوية - الاسرائيلية غير المباشرة هو نموذج تفاهمات وقف اطلاق النار التي اعقبت حروب 2009، 2012، 2014، وكان الوسيط في تلك المفاوضات مصرياً.
سوى الوسيط المصري هناك قنوات بحجم دول، لها علاقات مع اسرائيل ومع حركة حماس. ومن الطبيعي ان نفترض ان هذه الدول تنقل رسائل، كما ان اتصالات كثيرة تجريها شخصيات اميريكية وأوروبية مع حركة حماس، ولولا ان حركة حماس فصيل اساسي كبير مؤثر لما حرصت دول كبرى على الاتصال بها، والتحاور غير المباشر معها، وهناك شخصيات حمساوية قادرة على التحاور وهي معروفة، ونشهد لها بالكفاءة والقدرة على القيام بهذا الدور.
عشنا هذه الاجواء في سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، حيث تعددت قنوات الاتصالات الفلسطينية - الاميركية والاوروبية والاسرائيلية، وحيث شهدت عواصم كثيرة من العالم لقاءات سرية، وكلها سبقت مفاوضات اوسلو، وكلها هيأت وأوصلت منظمة التحرير الى اوسلو.
يقيناً ان الاطراف التي تحرص على الاتصال بحركة حماس تطرح عليها، كما طرحت على منظمة التحرير الفلسطينية، ضرورة الاعتراف بالقرارات الدولية وفي مقدمتها "242"، بما يتضمن الاعتراف بإسرائيل، وعشنا دوامة الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل قبل اربعين عاماً، وكان اليسار الفلسطيني هو من بادر بإقامة صلات مع اليسار الإسرائيلي، وكان الاتحاد السوفييتي حليفاً اساسياً لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكان قد طالب المنظمة بالاعتراف بالقرارات الدولية.
رحم الله القائد الوطني الفلسطيني الكبير خالد الحسن فقد كتب حينها متسائلاً: هل هناك اعتراف تقدمي وآخر رجعي بإسرائيل؟! وكان هذا التساؤل الاستنكاري موجهاً لبعض اوساط اليسار الفلسطيني.
يقول الاخ ابو مرزوق في تصريحاته: انك تفاوض من تقاتل، ويؤكد ان التفاوض جائز شرعاً، فهل يثور التساؤل عن وجود فرق بين مفاوضات ومفاوضات؟
حركة حماس توافق على دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، ولا تمانع اية جهود في الامم المتحدة او المفاوضات المباشرة التي تؤمن وجود هذه الدولة.
ستظل مسألة اعتراف حماس بالقرارات الدولية التي تتضمن الاعتراف بإسرائيل كما ستظل حالة المفاوضات - مباشرة كانت ام غير مباشرة- مطروحة على حركة حماس، وسيكون ما هو مطروح على حركة حماس قابلاً ان يكون عنصر وحدة وقوة للموقف الفلسطيني مثلما هو قابل ان يكون عنصر خلاف كبير في الساحة الفلسطينية اذا ما ذهبت حماس الى المفاوضات.
رسائل الاعتراف المتبادل بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية تؤمن مظلة لكل الفصائل الفلسطينية التي ترفض الاعتراف، لأن هذه الرسائل تحصر الاعتراف بمنظمة التحرير ولا حاجة لاي فصيل في منظمة التحرير لأن يقوم منفرداً بالاعتراف.
منظمة التحرير الفلسطينية هي بيت الجميع وهي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ووجود الجميع في هذه المنظمة يعطي قوة للجميع كما انه قادر على افشال كل الجهود والمخططات الاسرائيلية التي لن تتوقف عن محاولات شق الساحة الفلسطينية حتى تفلت من حصار الاجماع الدولي الذي يرفض الاحتلال ويطالبه بالرحيل عن اراضي الدولة الفلسطينية.