التحليل والتحريم - حافظ البرغوثي
في انتخابات عام 1996 خرج فقهاء حماس بفتوى تحرم الانتخابات في ظل الاحتلال، وكانت حماس آنذاك لا أمل لها في الفوز، وفي انتخابات عام 2006 كان لها أمل في الفوز فأصدر الفقهاء أنفسهم فتاوى تبيح الانتخابات.
في بداية المرحلة العباسية وصف الرئيس أبو مازن الصواريخ التي تطلق على اسرائيل دون أن تثير سوى الهلع والفزع والدلع بأنها عبثية، واعتبرت حماس ذلك مقاومة مشروعة، ولما استتب لها الأمر انقلابياً خرجت فتوى تقول ان اطلاق الصواريخ خيانة وطنية وجوسسة.
التفاوض مع الاحتلال هو الآخر تعرض لمثل هذه "المرمطة" فهو حرام شرعاً اذا قامت به السلطة، وصار حلالاً اذا اضطرت اليه حماس وفقاً لأخينا موسى أبو مرزوق.
التحالف مع دمشق أيام عرفات وهي تضرب الاخوان كان خيانة، ومع أن عرفات احتضن الاخوان الهاربين من سوريا في لبنان واحتضن المعارضين الهاربين من العراق واحتضن المعارضين الهاربين من بطش الشاه وصاروا لاحقاً قادة الثورة الايرانية، أما انقلاب حماس على دمشق فهو عمل بطولي، ثم التودد لها الآن ولحزب الله وايران هو عمل وطني.
هذا التقلب في المواقف يعبر عن انتهازية سياسية لا يجوز ربطها بالفتاوى والدين، فالدين ليس مطية نوجهها كيفما نشاء، من يمارس السياسة عليه عدم اقحام الدين بتاتاً إن كان يحترم دينه، فالسياسة بهلوانية الحراك لا يمكن ضبطها، والقياس الديني عليها فيه إهانة للدين.
فمع اعلان وقف اطلاق النار مؤخراً وجهت حماس تعليمات داخلية بالبدء الفوري في احتفالات النصر حتى أصيبت غزة المنكوبة بتخمة الانتصار، وأقيمت الأفراح والليالي الملاح في الشوارع ،وصدر قبل أيام "فرمان" يحظر الفرح والتجمعات الفرحية بحجة أن هناك شهداء وعائلات مكلومة وجرحى وأسر مشردة، ربما غاب عن ذهن المنتصرين أن ثمن النصر كان شهداء وجرحى ومشردون، حللوا الفرح ولما قضوا وطرهم حرموه. ابعدوا الدين عن السياسة احتراما للدين.