«مجزرة صبرا وشاتيلا» - عيسى عبد الحفيظ
تصادف اليوم ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا والتي عرفت فيما بعد بمجزرة القرن او أقوى مجازره البشعة التي يندى لها جبين التاريخ.
قدرت الاحصائيات عدد القتلى بالآلاف وجاءت صرخة تلك المرأة الفلسطينية وهي تقول: وين العرب وين؟ لتكون محطة فاصلة في تاريخ مضى يتمثل في وجود الثورة التي لم يكن قد مضى على انسحابها المسلح من بيروت أكثر من شهر الى تاريخ لم يعد للفلسطيني فيه قيمة انسانية حتى تمت استباحة مخيماته من طرف القوات الانعزالية التي تم تأمين غطائها من القوات الاسرائيلية والتي قامت برسم الأسهم والدلالات على جدران المنازل كي يصل السفاح الى هدفه، بالاضافة الى قنابل الاضاءة التي ما انفكت تلقيها في السماء ليتمكن السفاح من لعق دم ضحيته كما ينبغي.
صبرا وشاتيلا، هذان المخيمان البائسان في ضواحي بيروت عانيا كثيرا قبل التواجد المسلح للثورة الفلسطينية، لذا، لم يكن صدفة او أمرا مستغربا ان ينخرط الكهل قبل الشاب والمرأة قبل الرجل والصبي وكل الفئات العمرية من سكان المخيمات في صفوف الثورة التي وجدوا فيها كرامتهم الانسانية قبل الوطنية.
تحالف الفقراء مع الفلسطينيين هو السمة المميزة التي ظهرت حتى في مشاركتهم بالقتال والدفاع عن بيوت الفقراء والهجوم على القوى التي ارتبطت بالعدو الخارجي للأمة العربية جمعاء.
شكلت الثورة الفلسطينية في لبنان حافزا ودرعا واقيا للحركة الوطنية اللبنانية بمختلف توجهاتها الفكرية وفتحت معسكراتها لتدريب كوادرهم من ذوي التوجهات اليسارية والعلمانية الى الوطنية والقومية والدينية وكثير من القادة اللبنانيين تلقوا تدريباتهم بل وتمت مساعدتهم من الثورة الفلسطينية، كل ذلك لم يرق لقوى الظلام، فكانت الحرب الأهلية التي استمرت منذ عام 1975 وحتى خروج الثورة عام 1982، حينذاك، كشر الفاشيون عن أسنانهم وخططوا للانتقام تحت سمع وبصر قوات الجيش الاسرائيلي بل ومباركته كذلك.
المخيم يغط في النوم برجاله ونسائه، لكن البعض ممن يعرفون حقد الفاشست لم تغمض له عين خاصة بعد ان أذيع خبر مقتل بشير الجميل، وقف أحدهم في منطقة الدامور يخاطب السكان بالميكروفون ان من أراد قتل فلسطيني فليصعد الى الحافلة؟! وكان قتل وكان سحل وكان بقر بطون وكان ا خراج الأجنة من الأرحام وكان حرق وكان اغتصاب وكان كل ما يمكن ان يخطر او لا يخطر على بال حتى صاح محمود درويش حينها:
صبرا تقاطع شارعين على جسد
صبرا هوية عصرنا حتى الأبد