فيديو- 'أصلان' شاميٌ على قيد الحياة- فاطمة إبراهيم
يعرف سكان نابلس مجسم الحمامة هذا. يعرفونه وظلّه المنعكس على صف من الحجارة المزخرفة عند مفرق شارع الجامعة وسط المدينة دائمة التغير.
في الحقيقة هي ليست حجارة، إنها نوع من البلاط الذي دخل إلى المدينة مع الاحتلال الانكليزي، ونشأ أول ما نشأ في غرفة صغيرة في أحد أحياء البلدة القديمة، قبل أن تكبر الغرفة لتصبح أول مصنع للبلاط بتلك المنطقة.
يعود البلاط في تصميمه وزخرفه إلى أساليب فرنسية، غير أنه انتشر في بيوت ومحال وبعض طرقات المدن الفلسطينية أيام 'الانتداب البريطاني'، بعد أن أسس يوسف أصلان الجد مصنعاً له أول ثلاثينيات القرن الماضي.
يقول أصلان: 'هذا المصنع تنقل في ثلاثة أماكن، قبل أن يستقر آخر الأمر هنا، ليعرف بأنه مصنع البلاط الشامي النابلسي. هذا المصنع يعتبر اليوم معلما من معالم المدينة'.
يصنع البلاط الفرنسي الأصل الشاميّ الاصطلاح من خلط الحجارة الصلبة المستخرجة من مقالع الحجر في القرى الفلسطينية بعد طحنها في ماكينات خاصة، ومن ثم يضاف اليها مزيج من الصبغات المستوردة لتلوينها، وتجمع كلها ثم تصب في قوالب حديدية مصنوعة باليد، لتعطي زخرفات يصل عددا إلى 500 نوع، وتكبس في مكابس يدوية كل واحدة على حدة.
وعقب التصنيع، ينقع البلاط في الماء ليوم كامل، ومن ثم يعرّض للشمس لذات المدة، قبل أن يصبح جاهزاً للعرض والبيع.
واقفا بجانب مكبس يدوي يشرف أصلان على سير العمل، ويشبه ما ينتجه مصنعه بخبز 'الطابون' الذي لا يمكن الاستغناء عنه ولا يشيخ، ويعتبر أن هذا النوع من البلاط أصبح تراثاً ينعت بالشاميّ، لأنه انتشر في البيوت الدمشقيه القديمة قبل ان يصل إلى فلسطين.
المصنع ينتج يوميا ما مقدراة 140 مترا من البلاط بأشكال وزخارف متنوعة بأيادي ستة عاملين في المتوسط، ويتراوح سعر المتر الواحد منه من 100 إلى 140 شيكل.
هاني ريحان لم يبرح المصنع منذ 54 عاماً، فهو العامل الوحيد الذي كان شاهداً على تحولات المصنع كلها، إذ بدأ عمله حين كان في عمر الحلم.
يقول ريحان: 'كنت ولدا لم يتجاوز 14 عاما. العمل هنا لم يتغير كثيرا، فقط أضفنا كوابل الكهرباء وأصبحت الآلات الكبيره تعمل بها، لكن القوالب الحديدية لم تتغير، وشكل البلاط وهمتنا للعمل كذلك'.
شهرة البلاط الشامي النابلسي عادت لتغزو دولا أوروبية، وتجد منه كذلك في بعض القصور الهاشميّه الأردنية، إضافة إلى الأراضي المحتله عام 1948، وعلى الرغم من وجود 3 مصانع مشابهة في القدس ورام الله ونابلس؛ إلا أن الأخير هو الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة.