الاحتلال وداعش.. وجذر الارهاب - موفق مطر
الارهاب سلوك اجرامي، وتعبير عملي عن مفاهيم عنصرية، يعتقد معتنقها بتفوق وتميز، يبيح له قتل الآخر ما دام لا يوافقه المعتقد، او يعارضه، أما سفك الدماء باستخدام اساليب الهمجيين فهو السبيل الامثل لإخضاع المستهدفين، واجبارهم على الفرار من المواجهة.
تمتلك امة الانسان الحضارية مشروعية محاربة داعش كنوع دموي من الارهاب، كما امتلكت الأمم والشعوب منفردة ومجتمعة حق مقاومة الاحتلال الموازي بدرجة ارهابه، مع فوارق بسيطة أهمها أن للاحتلال دولة وحكومة، يلبس قادتها السياسيون والعسكريون ازياء رسمية، ويحظون باعتراف وحماية دول كبرى تمسك بزمام القوانين والقرارات الدولية، وتأخذ الفيتو كسيف مسلط على رقاب المظلومين الفلسطينيين، فيبدو المندوب بمظهره المدني الحضاري، كظل الهمجي المقنع الرافع ساعده بسكين على عنق الضحية!
لا فرق بين الارهابي والمحتل وحاميهما، حتى وان اختلفا بالشكل، فدولة الاحتلال تستهدف شعبا، فيما تستهدف جماعات الارهاب افرادا، وطوائف، أو أتباع عرق او قومية.
لا فرق بين عصابات داعش، ونواة جيش الاحتلال ودولته عصابات الهاغاناه، فكلاهما استخدم الترويع والارعاب والارهاب والذبح والقتل العشوائي على خلفية العنصرية الدينية لإرغام اصحاب الأرض المواطنين على الهجرة والهروب، او اجبارهم على الخضوع، ولعلنا نجد في حوالي خمسين الفا من الأكراد السوريين هاجروا فرارا مرعوبين من ستين قرية على الحدود مع سوريا في ظرف ثمان واربعين ساعة دليلا على جذر الارهاب المشترك بين عصابات داعش وعصابات الحركة الصهيونية الذين روعوا سكان فلسطين الأصليين بمذابح وعمليات قتل جماعية، وساهموا ببث صور جرائمهم، وبالغوا فيها، حتى ساعدتهم في الوصول لأهدافهم بأقل الخسائر.
رفعت العصابات الصهيونية شعارات دينية، وما زالت دولة الاحتلال تتظلل بها، وترفع داعش اليوم شعارا دينيا، فيما المؤمنون بحقوق الانسان، وبقدسية الروح الانسانية، وتطور الفكر الانساني وسلوكياته، وبالتقاء الحضارات والديانات وتكاملها، يدركون جيدا ان هذه الشعارات والرايات ليست اكثر من غطاء للتغطية على جرائم ضد الانسانية يرنكبها هؤلاء العنصريون، بأسلحة مختلفة، فلا فرق بين مجرم بهيئة همجي، بيده سكين حادة يقطع بها الأعناق، ومجرمون مأخوذون بعقلية الفوز بالسبايا، والتمتع بجهاد النكاح، والغنائم، وبين ضابط يأمر باطلاق قذائف ذكية تقطع النسل، وتبيد العائلات، وجيش احتلال يقطع اوصال الوطن الواحد، ووزراء في حكومة احتلال يرون سبيلهم الأمثل للوصول الى كراسي الحكم في ظلم الفلسطينيين ومنعهم من حق تقرير المصير، والحؤول بينهم وبين الحرية والاستقلال، ومعاندة التاريخ، وتزوير الحقائق، واخفاء رؤوس الحقيقة كلما برزت للشعوب والأمم المحبة للسلام.
تمتلك الشعوب الحضارية وهذه الأمم شرعية محاربة اي شر نابت في اي مكان في العالم يستهدف الانسانية وقيمها وأخلاقياتها وقوانينها ومواثيقها... وتمتلك الشرعية كل الشرعية في اجتثاث الاحتلال باعتباره اس الشرور والارهاب في المنطقة، فالجماعات الارهابية مثل الفطر السام، حيث يتخذ مجرموها الأوائل من غابة الظلم التي زرعها الاحتلال ومساندوه في منطقتنا العربية بمثابة بيئة وهمية للتفريخ، والتمدد، ومستندا لتبرير جرائمهم وهمجيتهم، فالاحتلال أصل الارهاب والظلم، وعلى الدول المتحالفة ضد ارهاب داعش، التفكير والعمل لمرة واحدة وللأبد بمعالجة دولة اسرائيل وتخليصها من الاحتلال، هذا الورم السرطاني الخبيث المهدد لمصير ومستقبل المنطقة والعالم، وتعرية غابة الاحتلال، وبدون ذلك، فان اشكالا من الارهاب والهمجية ستنبت في المنطقة، وستكون افظع اذا امتلكت وسائل تدمير شامل، فالتكنولوجيا خرجت عن سيطرة الاقوياء في العالم، ولن يمنع سقوطها في ايدي المجرمين الارهابيين وإلحاق المصائب بالانسانية الا احقاق العدالة، والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، والاقرار بدولته المستقلة ذات السيادة، فالشعب الفلسطيني متضرر من ارهاب مزدوج، الاحتلال الاسرائيلي والجماعات المستخدمة للدين ولدماء الفلسطينيين وقضيتهم لغاياتها.