الى مصر حتى نتفق..أو نتفق - حسن الكاشف
تنطلق اليوم في القاهرة المحادثات المباشرة بين حركتي فتح وحماس لاستكمال ملف المصالحة، وتنطلق بعد غد الاربعاء في القاهرة ايضاً المفاوضات غير المباشرة بين الكل الفلسطيني من جهة وإسرائيل من جهة اخرى لتثبيت التهدئة، وإذا كان الرأي العام الفلسطيني ينتظر اتفاقا لوقف دائم لإطلاق النار لأنه ينتظر بدء الاعمار المرتبط بتثبيت التهدئة، ولأن هذا الرأي العام يتوقع حرصاً واحتراماً والتزاماً فلسطينياً بوقف اطلاق النار، فإن الرأي العام ذاته ما زال بعيداً عن الاطمئنان ولا يتوقع حرصاً واحتراماً والتزاماً باتفاق المصالحة.
مغادرة حالتنا الراهنة التي يطغى عليها عدم استقرار العلاقات الفلسطينية_الفلسطينية بات مرهونا بوصول المحادثات المباشرة بين حركتي فتح وحماس الى اتفاق مصالحة يرتقي الى مصاف اتفاق وحدة وطنية يفتح الابواب امام وحدة المؤسسات الوطنية وتوحيد المؤسسات الرسمية، مثلما يمكن حكومة الوحدة من مباشرة مهامها، وفي المقدمة منها اغاثة قطاع غزة واعماره وتأمين احتياجاته الاساسية.
تحرص مصر العربية على مسؤولياتها الكثيرة تجاه فلسطين، ها هي تدعو وتستضيف وفود تمثل كل الاطراف الفلسطينية بما فيها حركة حماس, رغم ما في العلاقة بينهما من سلبيات، ورغم ما لدى مصر من ملاحظات يصل بعضها الى مستوى الاتهامات، ولا يحتاج الامر من حركة حماس سوى تأكيد الاحترام لسيادة مصر، وتأكيد الحرص على امنها واستقرارها، والالتزام بمبدأ عدم التدخل في شؤونها، ان تأكيد حماس لما سبق سيرسي اسساً متينة لعلاقتها بمصر، وحتى وصول علاقة حماس بمصر الى ما نتمنى ونحتاج من ايجابية فان نجاح محادثات فتح وحماس وبناء وحدة وطنية فلسطينية سيظل كفيلاً بتأمين الاستقرار وعدم التدهور في علاقة حماس بمصر.
تباهى الفلسطيني طويلاً بوحدة شعبه ووحدة مؤسسته الوطنية (م.ت.ف), والتي كانت تضم كل الفصائل والاتجاهات والشخصيات، وزاد هذا التباهي تألقاً مع فقدان الفلسطيني لوحدة الارض حيث ينتشر الفلسطينيون داخل فلسطين وحولها وفي الاقطار والبلاد البعيدة، ويشعر كل فلسطيني الآن بالحزن على هذا الحال الفلسطيني الذي يعاني من الانقسام رغم تعدد الحوارات والاتفاقات.
وإذا كانت «الفوضى الخلاقة» قد اشاعت كل هذا الاضطراب والاحتراب في اقطار عربية كثيرة، فإن ساحتنا ما تزال تعاني من انقسام وما تزال بعيدة عن الاحتراب المدمر، وسندعي أن بعد قطاع غزه عن الضفة ليس السبب الرئيسي في ابتعادنا عن احتراب بالرصاص..سندعي ان الوطنية الفلسطينية الراسخة ووحدة وتجانس مناطق ومكونات شعبنا هي السبب، وان شعبا لم ينقسم طوال قرن ولن ينقسم ابداً.
لا يحتمل شعب يخضع للاحتلال ويواجه اخطار التهويد ومصادرة الارض انقساماً، ولا مناص من تكرار لمقولة ان تناقضنا الرئيسي يظل مع الاحتلال.
تحتاج معركتنا السياسية التي نخوضها الآن لإنهاء الاحتلال باعتراف عالمي بحدود الرابع من حزيران 1967 كحدود لدولة فلسطين، تحتاج الى كل الاخلاص لوحدتنا، ويحتاج قطاع غزه المزدحم باليتامى، والمشردين المدمرة بيوتهم، والثكالى، والجرحى، ومن فقدوا الاعزاء في المياة البعيدة للبحر، يحتاج اهل غزه الصامدون الصابرون على هذا الانقسام دون رضى..يحتاجون الى الوحدة.
ما يعطل الوحدة, بل ما يمنع الوحدة، هي الحسابات الذاتية، هي حالات الانقسام ماذا سنأخذ؟ مع ان المطلوب هو ما نقدم ونعطي ونتنازل من اجل الوحدة التي تزيد الجميع قوة، يسأل الفلسطيني بغضب واستهجان : لماذا نتمسك بكل التشدد مع بعضنا البعض؟!
هل نستثمر دعوة مصر العربية لنا حتى نلتقي ونتفاوض لاستكمال وحدتنا التي لم تكتمل؟ يجب ان نتفق، فالاتفاق والوحدة ضرورة وشرط ملزم لنا اذا ما اردنا وقفاً دائماً لإطلاق النار، وإذا ما اردنا وقف مسلسل الحروب الاسرائيلية على قطاع غزة، فنحن لسنا بحاجة الى هذه الحروب التي تنتهي بحال كنا عليه قبل كل منها، فما دامت اسرائيل غير راغبة في اعادة احتلالها لقطاع غزه، وما دمنا بعيدين عن شن الحرب لاستعادة ارضنا، فإننا لسنا بحاجه الى هذه الحروب.
هل سنذهب لمفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل لبحث التهدئة ونحن موحدين؟! ام سنذهب الى تلك المفاوضات مع اسرائيل وحالنا على ما هو عليه من عدم اتفاق وفرقه؟!!
لدينا أمل، ولا نملك ترف الاستمرار في الخلاف والانقسام، فإما ان نتفق او نتفق، دون الاتفاق سيغادر الجميع رضى الشعب، سيطرد شعبنا الجميع من دائرة ثقته وأمله، وهذا ما لا نرضاه لأي فصيل.