زمن داعش - يحيى رباح
خلال أسابيع قليلة استطاع الحراك الاميركي والدعاية الاميركية المكثفة أن تخلق في حياة هذه المنطقة عنوانا يتفوق في الاهتمام على بقية العناوين, وأولوية تتراجع أمامها كل الأولويات, وكل ذلك تمثل في كلمة واحدة هي داعش, وخطر داعش, ومواجهة داعش.وحلف دولي طويل عريض اسمه الحلف ضد داعش يشارك فيه العرب مع الأسف الشديد بالدور الرئيس.
دون شك, فان داعش تشكل حالة صادمة وظالمة لديننا الاسلامي السمح, ولميراثنا الحضاري العظيم, من خلال ممارساتها البشعة التي تشكل سقطة هائلة على المستوى الديني والاخلاقي والسياسي, وان العالم العربي والاسلامي كله, والنظام الاقليمي العربي كله, لديه مصلحة كبرى في هزيمة هذه الحالة, وابادة هذه الظاهرة، ولكن التحالف الدولي الذي عقدت من أجله عدة لقاءات ومؤتمرات في وقت قصير يطرح آلاف الأسئلة ولكن لا يقدم أيه اجابات
وأول الاسئلة وأهمها هو تعريف الارهاب, فمن الواضح أنه منذ منتصف سبعينات القرن الماضي حين ذهبت فصائل الاسلام السياسي بدعم من أميركا الى أفغانستان لكي تقاتل الوجود السوفييتي وحتى هذه اللحظة التي تتوسع فيها بؤر الارهاب من القاعدة الى الاخوان المسلمين وتنظيمهم الدولي, الى داعش وجبهة النصرة الى أنصار الشريعة وأنصار بيت المقدس وباكو حرام في نيجيريا الى بقية المجموعات الأخرى, فان الذي يحدد تعريف الارهاب هو أميركا حسب مصالحها وأولوياتها وليس حسب المصالح المشتركة !!! والآن, في هذه اللحظات هناك مأزق حقيقي أمام التحالف الدولي ضد داعش, فكيف ستقوم بعض الدول المهمة مثل مصر على سبيل المثال بمحاربة داعش بينما اميركا تغازل وتدعم الارهاب الذي تعاني منه الدولة المصرية وجيشها القوي وشعبها العظيم من ارهاب الاخوان المسلمين وبقية الاسماء والمجموعات في سيناء, فهل هؤلاء خارج تعريف الارهاب؟ وهل الارهاب هو ما تشتكي منه أميركا وليس ما تشتكي منه بقية الأطراف الأخرى؟ ومن هم هؤلاء الارهابيين الذين تعفيهم أميركا من صفة الارهاب تحت عنوان, المعتدلين؟ هل جبهة النصرة خارج تعريف الارهاب؟ هل المجموعات الشيعية المسلحة مثل عصائب الحق ومجموعات الفضل وجيش المهدي خارج تعريف الارهاب؟ وهل المليشيات المسلحة في ليبيا الذين جاءوا في أعقاب اسقاط النظام الليبي على يد اميركا وخلفها الدولي خارج تعريف الارهاب.
وهناك دائما المسكوت عنه بشكل مطلق طيلة الوقت, وهو الارهاب الاسرائيلي, ارهاب اسرائيل كدولة ضد الشعب الفلسطيني, وارهاب الاحتلال الاسرائيلي بكل مفرداته ومن بينها المستوطنين, وجماعة تدفيع الثمن, والحاخامات وممارساتهم المستفزة ضد المقدسات الاسلامية, هل كل ذلك خارج تعريف الارهاب؟ مع العلم أن كل عاقل يعرف أن هذا الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني منذ أكثر من ست وستين سنة, وهذه الخطيئة الكبرى هى السبب الرئيسي وهي الغطاء المستمر لكل تشدد يندفع الى حيز الارهاب في المنطقة, فلماذا لا يكون هناك تحالف دولي لاقناع اسرائيل أو الزام اسرائيل لتطبيق قرارات الشرعية الدولية, وتنفيذ المواثيق والمعاهدات والاتفاقات, ولماذا اسرائيل وحدها معفاة من أي أنضباط.
ويبقى السؤال الآخير : ترى لو أن داعش لم تقتل الصحفيين الاميركيين, ولم تتجاوز حدود خارطة التقسيم في العراق, هل كانت اميركا ستضعها على قائمة الارهاب, وهل كانت تشكل حلفا لهزيمتها والقضاء عليها كما يقولون.