رؤية نتنياهو الذي لا يرى - حسن الكاشف
يملك رئيس الوزراء الاسرائيلي رؤية لا يشاركه فيها احد, وله الجرأة على ادعاء قراءة الواقع دون الاستناد الى الحقائق العنيدة لهذا الواقع. فهو يرى, حسب تصريحاته لجيروزلم بوست, (ان المبادرة العربية للسلام انتهت, وانها لم تعد ذات صلة بالشرق الاوسط, لانها تنتمي الى مرحلة انتهت, كما يرى، ان اصحاب هذه المبادرة ( العرب ) ينظرون الان الى اسرائيل كحليف محتمل بعد ان كانوا يعدونها عدوهم الابدي).
بالطبع لا يعترف نيتنياهو انه ومن سبقوه اضاعوا فرصة لن تتكرر لسلام شامل في الشرق الاوسط برفضهم تلك المبادرة, فهو لا يزال اسيرا لفكره التوسعي الذي لا يعتمد غير القوة العسكرية والعدوان والقدرة على فرض امر واقع لا تكسبه اية شرعية كل القرارات الحكومية الاسرائيلية التي لا تتوقف عن مصادرة الارض واقامة المستوطنات على الارض الفلسطينية المصادرة.
لدى اسرائيل, والفضل كله لنتنياهو ومن سبقوه من شامير حتى شارون, لديها رصيد غير مسبوق من ادانات الشرعية الدولية لكل قرارات المصادرة وبناء المستوطنات والعدوان, ولديه ارشيف كامل من رفض العرب, كل العرب, لتلك القرارات ولكل المجازر, وكل انتهاكات اسرائيل للمقدسات,.. الا يرى موقف العرب, كل العرب, من عدوانه الاخير على قطاع غزة وموقفهم واداناتهم ورفضهم للمجازر التي قتلت اكثر من الفي انسان واصابت اكثر من عشرة الاف اخرين بجروح, ودمرت عشرات الاف المنازل على من فيها من مدنيين عزل؟! لم تشرب الارض بعد كل دماء اهل غزة, ولم يجف بعد حبر الغضب العربي الرسمي والشعبي على ذلك العدوان وتلك المجازر. الم يقرأ مطالبة كل العرب بطرد اسرائيل من الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟!
يخلط نتنياهو متعمدا بين رفض العرب للارهاب ومشاركتهم العالم في رفضه للارهاب ومحاربته, وبين رفض العرب لاستخدام الاسلام.. دينهم الذي شرفهم الله برسوله العربي ولغة كتابه المنزل.. القران الكريم الذي انزله الله بلغة العرب. لا يرى نتنياهو كل تلك الحقائق, ولا يرى العزلة الزاحفة نحو كيانه مقتربة شيئا فشيئا من المقاطعة, ولا يرى كل هذا التاييد الدولي, والاعتراف الدولي بفلسطين الدولة, الم يسمع بارقام التصويت ؟!
الم يستوقفه هذا الاجماع العربي على تبني الموقف الفلسطيني في كل خطواته الصاعدة نحو انتزاع الاستقلال الفلسطيني من الاحتلال الاسرائيلي (اخر احتلال في عالم اليوم).
يقف عرب المبادرة العربية للسلام في مقدمة الصف العربي المشارك لفلسطين صناعة مواقفها وتحرك قيادتها في الساحة الدولية, الم يلحظ نتنياهو، الذي لا يرى، ان كل مبادرة وتحرك فلسطيني يبدأ وينطلق من الدائرة العربية؟!
يراهن نتنياهو على الوضع العربي المؤقت الراهن، مع ان انشغالات العرب باوضاع بعضهم الداخلية لم تسجل تخلف احد من العرب عن نصرة فلسطين بما تستطيع، لكن نتنياهو لا يعترف ولا يتوقف امام خلو صفه الهزيل المحدود من اي طرف عربي، فكل العرب الان هناك، في نيويورك يخوضون الجولة الجديدة من المعركة الدبلوماسية ضد استمرار الاحتلال الاسرائيلي ومن اجل الظفر بقرار انهاء الاحتلال طبقا لسقف زمني ومن الارض الفلسطينية المحتلة في الخامس من حزيران 1967.
يواصل نتنياهو ومن سبقوه رفض الشرعية الدولية وقراراتها، والاعتماد على القوة العسكرية، وهو بهذا الاعتماد لا يأتي بأي جديد اسرائيلي، قدر ما يؤكد عقم تفكيره وعجزه عن التعامل مع الحقائق العنيدة التي تزدحم بها صفحات القراءة السياسية، لمن يجيد القراءة.
ما اسهل العمل والنضال السياسي في ظروف محلية وعربية واقليمية ودولية مواتية، وما اصعب الانجاز في الظروف غير المواتية التي يراها نتنياهو دائمة وابدية، مع ان العقل القيادي الفلسطيني يجيد القراءة والتعامل والتحرك والتأثير.. ويجيد مخاطبة العالم واقناعه والحصول على تأييده واعترافه،.. هاهو الفارق بين عقل نتنياهو الذي لا يرى، والعقل القيادي الفلسطيني الذي يجيد القراءة الخلاقة.
ندعو رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الى الانتباه الشديد غدا, وان يستمع بانتباه شديد لصوت فلسطين في نيويورك عله يدرك، ولن يدرك... لكننا بالتأكيد سنفاجئه.