العلامة العاقل الراحل - حافظ البرغوثي
قال العلامة الراحل هاني فحص في مقالة خص بها "الحياة الجديدة" في ذكرى انطلاقة «فتح» نشرت في مطلع 2011 انه بعد هزيمة عام 1967 وكان طالباً في الحوزة العلمية في النجف اضطر ورفاقه من العروبيين إلى تخبئة وجوههم من عيون كثيرة من أتباع الشاه وأعداء العروبة وعبد الناصر حتى سمعنا صوت إذاعة فتح بالعبرية يبث شيفرات فدائية وأشعار محمود درويش وفدوى طوقان وسميح القاسم وصخر حبش ومريد البرغوثي ومعين بسيسو وأحمد دحبور يحولون الوطن إلى شعر حر ويحولون الشعر إلى وطن محرر.
رحل عاشق الوطن العربي الرجل فوق الطائفي.. عاشق الأرض والحوار والكلم الطيب هاني فحص تاركاً إرثاً ضخماً من الأنشطة والمقالات والمؤلفات الكثيرة والمواقف المقدامة، فهو علا على التناقضات ولم يتصاغر أمامها.. ظل عروبياً قومياً علامة شيعيا ثائرا شجاعاً حتى الرمق الأخير.. كان معارضاً للتطرف أياً كان مصدره، وقال ذات سنة ان الجهل هو الافتك فالشيعي الذي يجهل السني هو جاهل بالشيعي لأن الشيعي لم يتكون خارج التاريخ بل تكون بهذه الحركات فأنا « لا أذهب إلى السني لأجل السني بل أنا أريد أن أذهب إلى السني حتى أفهم موقعي ودوري وشرطي الشيعي وعندما أفهم شرطي يرتاح السني، نكون قد صنعنا سلاماً».
حافظ فحص على مسافة بينه وبين حزب الله بعد أن كان من أعضائه وأخذ على الحزب ركونه إلى القوة لفرض إرادته كما أنه حافظ على مسافة من إيران لكنه لم يهاجمها فهو لم يمدحها كثيراً كما قال.
كان مناضلاً نقياً ترك الأحزاب كلها وتفرغ لأنشطة حوارية والكتابة، عندما يرحل رجل من وزنه يكون لفقدانه فراغ لا نجد أحدا يملؤه لأنه لم يراكم ما راكم إلا من خلال الدراسة والتجربة والبحث وتفعيل العقل.
رحيل علامة فوق طائفي حواري عقلاني في زمن الفتن والشعوذات الذي نعيشه لهو خسارة فادحة حيث ترك فراغاً واسعاً وسط الجدل الطائفي المقيت الذي يفرز حالة الانحطاط السائدة.