بركان أبو مازن وإرهابان، واحتلال - بكر أبو بكر
استطاع الرئيس أبو مازن مرة أخرى أن يعيد القضية الفلسطينية إلى وهجها، إذ انه كلما اعتلى منبر الأمم المتحدة لقي استحسانا فلسطينيا حتى من المخالفين، واستحسانا عربيا، ولكن في المقابل يلقى امتعاضا ورفضا واتهاما من جهتين فقط هما الولايات المتحدة الاميركية ودولة الاحتلال.
هذه المرة والرئيس المليء بالغضب والثورة -كما بدا - يُعدّ مشروعا سيقدمه الى الأمم المتحدة متضمنا إزالة الاحتلال وفق جدول زمني، استطاع أن يحقق مسبقا وحدة فلسطينية ووحدة عربية بل ووحدة غربية باستثناء اميركا اتجاه المطالب الفلسطينية.
(الحرب الأخيرة على غزة كانت عبارة عن سلسلة من جرائم الحرب ارتكبتها (إسرائيل) على مرأى ومسمع العالم بأسره لحظة بلحظة) هذه الجملة من خطاب الرئيس أبومازن أقامت الدنيا ولم تُقعُدها، حيث جعلت الاميركان يفقدون اللياقة السياسية ويُستفَزون إلى الدرجة التي لم يتركوا فيها لنتنياهو شيئا ليقوله، وهو المعتاد على الكذب والافتراء والتهجم والاتهام.
ولربما أتى نفض الرئيس يده من المفاوضات كعامل ثاني ليبرر غضب الاميركان الفاشلين، إذ أوضح أنه من المستحيل للفلسطينيين العودة الى طاولة المفاوضات مع (إسرائيل) ما لم تتناول هذه المفاوضات (المسائل الأساسية) ما هو اتهام مباشر للإسرائيليين بالمراوغة والتلاعب وتعمّد إضاعة الوقت.
كما أن رفضه لاستمرار الاستيطان باعتباره فرض نتائج مسبقة على المفاوضات لربما شكل العامل الثالث في الصاعقة التي حلت على رأس الاميركان، وفي الرابعة فان مشروعه المُقدّم لمجلس الأمن يعد إعلانا صريحا لإخفاق الجهود الاميركية في المنطقة ما أعلن إزاءه الاميركان الرفض المسبق للمشروع الفلسطيني، لأن (شعب فلسطين يحتاج حماية دولية) (ولا معنى لمفاوضات ليس هدفها إنهاء الاحتلال) كما قال...
وغني عن القول إن تشبيهه لما يقوم به الإسرائيليون من قتل واعتقالات وعدوان يتلوه حرق محمد أبو خضير بالأعمال النازية دون أن يذكرها بالاسم لم يمر هذا التشبيه مرور الكرام على العقلية الصهيونية على الأقل، ما فيه إشارة قديمة وحديثة.
الناطقة باسم الخارجية الاميركية كانت عنيفة في ردها اذ وصفت كلمة الثائر خليفة ياسر عرفات بأنها (كلمة مهينة)، ولم ندر ما الإهانة فيها أو لمن كانت الاهانة؟ أهي للاحتلال أم للقتل أم للإرهاب أم للتقاعس الدولي أو للعجز الاميركي أو التواطؤ، أم للعدوان، أم ماذا ؟
ولم تبتعد الناطقة الاميركية كثيرا إذا اعتبرت التصريحات أيضا (استفزازية)، أما العدوان للمرة الثالثة في 6 سنوات على غزة فهو جولة سياحية! وليس عدوانا استفزازيا لضمير العالم الحر، كما رأت الناطقة أن كلمة الرئيس (مضرة) و(مقوّضة) لجهود السلام، وكأن السلام بين اليدين ونحن من يفلت الحمامة لتطير.
ولا يخفى على الاسرائيليين والاميركان الإشارات الواضحة لدى أبومازن حين تعرض لإرهابَين فقط في عالم اليوم واحتلال وحيد، هما إرهابا "داعش" والاسرائيليين والاحتلال الباقي هو احتلالنا بالدولة العبرية على أرضنا.
ان محمود عباس يوم 26/09/2014 في الأمم المتحدة الذي وصفه البعض بالغاضب أو اليائس أو فاقد الأمل، وما أصابوا، أو حاول الآخرون أن يصفوه بغير الدبلوماسي في كلمته (اتهم ليبرمان الرئيس انه إرهابي دبلوماسي ) وما أصابوا في ذلك أيضا، هو في حقيقة الأمر يقول أن الفلسطينيين جميعا غاضبون إلى حد البركان ورافضون للواقع إلى حد الفيضان، وعازمون على تحرير بلادهم برغبة وتصميم وعنفوان أكيد ما لم يرغب الاميركان والإسرائيليون أن يسمعوه أو يروه أبدا.