الراحلة زكية شموط .. مناضلة من زمن الثورة - د.مازن صافي
كان لها أولوية الإفراج في قائمة التبادل 1983 بعد 15 سنة من الأسر و التعذيب و الإذلال و خلال عملية تبادل الأسرى التي جرت بين منظمة التحرير الفلسطينية و الكيان الصهيوني، أُفرِج عن المناضلة زكية و زوجها، كانت الزوجة الوحيدة بين المعتقلات، كان محكوما عليها بالسجن المؤبد .. وابنتها الصغيرة ولدت معها في المعتقل .. وكان زوجها معتقلا هو الآخر .. وقد أصيب بإضطراب عصبي نتيجة لقسوة الحياة وراء الأسوار وفي داخل الزنازين والتعذيب النفسي والجسدي المبرح .
كان حب "زكية" لبلدها فلسطين، حبا فطريا وراسخا وعميقا، ينم عن صوتها الجميل حين تشدو بأناشيد وأغاني الوطن السليب والثورة، وبعد خروجها من المعتقل قامت بجولات مع وفود نسائية وزارت بلدانا كثيرة، وحضرت مؤتمرات خاطبت فيها المشاركين بمنطقها البسيط وأسلوبها العفوي، وعرضت عليهم قضية فلسطين العادلة، وحكت لهم عما يعانيه المعتقلين والأسرى، وعن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، وكان من ضمن المفرج عنهم معها في الصفقة الكبرى، "تيريزا حلسة"، و "نادية الخياط"، و"حنان مسيح" ،و "عطاف يوسف" .
لأن الوطن محتل، فلقد رفض الاحتلال استقبالهم، وأيضا الكثير من البلاد العربية "المستقلة" رفضت استقبال الأبطال ومنهم المناضلة "زكية" .. وبدت المشاكل في حينها وكأنها معلقة لا تجد لها حلا .. وحتى البلدان الأصلية التي جاؤوا منها ليقوموا بدورهم الثوري وصد العدوان على لبنان، رفضت استقبالهم ثانية، ومن الصعب القول أنه كان مع الثورة أربعة من الأتراك وقد تم الإفراج عنهم مع الأسرى، ولكن بلدهم الأصلي تركيا رفضت لا استقبالهم ولا إيوائهم ..
ولقد رحب الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد استقبال الأسرى المحررين ، ومن بينهم الأسيرة المحررة زكية شموط، وعاشت هناك في الحضن الدفيء لفلسطين، حتى رحلت ابنة الناصرة زكية شموط "أم مسعود"في 18 أيلول 2014، وكأن أيلول الحزين يرفض أن يفارقنا .. ودفنت في بلد الإيواء والهجرة، وسيبقى ثرى الناصرة القريبة يحن لاحتضان الغيَّاب .
وقد نعى الرئيس محمود عباس أبو مازن الثائرة أم مسعود وقال عنها في برقية النعي لاسرتها في الجزائر بأنها : " إحدى رائدات النضال الوطني المتميز، ومثالا للمرأة الفلسطينية الصابرة المناضلة المتفانية في خدمة شعبها ووطنها، والملتزمة بأهدافه الوطنية السامية في الحرية والسيادة والاستقلال."