وفاء وتخليداً للشهداء - حسن الكاشف
ستمضي الاعوام وتتعاقب الاحداث بمرها والذي نميز طعمه لكثرة ما تجرعناه، وحلوها الذي ننتظر وسيأتي نصراً نسير في مواكبه خلف الشهداء الذين سيتقدمون مواكب النصر وهي تجوب شوارعنا يوم يزول الاحتلال، نعم سيتقدم الشهداء مواكب النصر الآتي حتماً بصمودنا وتضحياتنا وإصرارنا وثباتنا على حقنا في الحياة على ارضنا دون احتلال عسكري او استيطاني..على حقنا في الحرية والاستقلال.
ستمضي الاعوام وتتعاقب الاحداث ويصبح كل ما جرى في حرب الواحد والخمسين يوماً ذكريات، لن ننسى الشهداء..عددهم غير النهائي تجاوز الالف ومائتي شهيد، ولن ننسى الدمار..دمار احياء بكاملها على اصحابها الذين اصبحت بيوتهم قبورهم، لن ننسى.
سنزيل ركام الدمار ونعيد اعمار ما دمر الغزاة وجيشهم المجرد من الغار المجلل بالعار، الم يكن في غزة جيشاً من قتلة المدنيين..قتلة الأطفال؟! الم يحاول تعويض عجزه وخسائره في المواجهة مع المقاتل الفلسطيني بنصر، هو تجلى الفضيحة الأخلاقية، هو القتل العمد للأطفال والشيوخ والنساء؟!
قبل هذه الحرب حروب على قطاع غزة، وقبل هذا الدمار دمار، وقبل الشهداء شهداء، لن ننسى ولكن..هل يكفي الشهداء حضورهم الذي لا يفارق قلوب وعقول الابناء والآباء والأمهات والزوجات؟! هل يكفي؟ ام ان من حقهم على وطنهم وتاريخ كفاح وتضحيات شعبهم..من حقهم علينا ان نصوغ لهم حضوراً مرئياً في ساحات وميادين المدن الفلسطينية.
ندعو الى اقامة نصب تذكاري لشهداء مجازر غزة، ندعو الى دراسة المكان الانسب، ندعو كل الجهات الرسمية والأهلية للتنادي وإكمال الدراسات والتحضيرات لتشييد هذا النصب، ندعو الفنانين التشكيليين الى تنظيم مسابقة يشارك فيها الفنانون العرب لاختيار النموذج الافضل، وان يكون الاهتمام بقاعدة النصب كبيراً حتى يتسع لأسماء الشهداء.
واجبنا وحق الشهداء علينا ان نجسد اعتزازاً بهم..ان نجسده حضوراً يستوقف كل من ينظر، ان يكون هذا الحضور نصباً شامخاً يحمل كل منا وردة نضعها بخشوع على قاعدة النصب في يوم الشهيد..في الاعياد الوطنية.
ستكون ساحات وميادين مدن فلسطين نابضة بالحياة بهذا الوفاء وهذا التخليد سنقول لأطفال مدارسنا قصص هؤلاء، سنذكرهم بجرائم المحتلين القتلة، وسنذكرهم ببطولة وصبر وإصرار هذا الجيل.
سنقرأ على ضيوف فلسطين صفحة من تضحياتنا وهي ثمن نرتضيه، رغم فداحته، لبقائنا صامدين على ارضنا، سنقرأ على ضيوفنا صفحات من جرائم الحرب التي اقترفها المحتلون الفاشيون الذين لم يتوقفوا عن قتلنا داخل فلسطين وحولها وفي البلاد البعيدة، ولن ننسى قادتنا الشهداء؟ وكيف ننسى ادباء وكتاب بقامة غسان كنفاني وماجد ابو شرار وغيرهم وغيرهم؟!
يفتح تخليد شهداء غزة الابواب فسيحة امام تخليد شهداء مجازر سبقت مجزرة غزة، وما اكثرها، وكلها تستحق، يستحق الشهداء، وتستحق مدن الشهداء ان تتباهى بهم.
يستحق الطفل الشهيد محمد خضير الذي حرقه وقتله الفاشيون العنصريون.. يستحق الطفل الشهيد محمد الدرة تخليداً..الم يكن عنوانا للانتفاضة الثانية؟! الم يقتله جيش كان يقوده شارون؟!.. تماما كما قتل المستوطنون الذين يقودهم ويقدم لهم الحماية نتنياهو محمد خضير؟!
هذا شعب يقتله المحتل ويظل حياً، وهم احياء عند ربهم..وهم احياء عند شعبهم الذي يشيد خلودهم حضوراً بهياً يشهد لهم على القاتل المحتل الفاشي الذي لن يفلت من العقاب، نعم لن ننسى وسنشيد نصباً نخلدهم...ولن نغفر، وسنسوق المجرمين الى محاكم جرائم الحرب ولدينا كل الادلة التي تشهد عليهم.
انجبت والدة الشهيد محمد الدرة شقيقاً له سمته محمد، وانجبت ام ايمان حجو شقيقاً لها سمته ايمن، لن تتوقف الحياة، وعندما نزيل الدمار الذي يغطي مساحات كبيرة من شرق غزة من رفح الى بيت حانون..وعندما نعيد الاعمار سنشيد حضور الشهداء في مدننا.
سنقوم بواجبنا ولن يتخلف احد من عن واجبه..نأمل ونثق.