مذكرات كبش ! موفق مطر
همس كبش بأذن نعجة ولدته قبل سنة قبل جره للذبح في العيد : لاتحزني يا والدتي.. فنحن نذبح ويضحى بنا مرة كل عام, أما ابناء آدم فانهم لم يكفوا عن ذبح بعضهم كل يوم تحت يافطة التضحية مذ كانوا اول عائلة على الأرض.
لو نطحت كل ضحية بما استطاعت لسقط الجزارون الجشعون واخذوا معهم سماسرة الدماء الى الجحيم.
الى متى سننتظر خروج مظاهرات مليونية الضحايا تطالب باسقاط « نظام الذبح » السائد في العالم ؟ فابن آدم ليس كبشا, ولحمه ودمه على اخيه الانسان حرام.
مشهد الأكباش المصفوفة للذبح في المسلخ، وطقوس المشوى وصور اللحم على صدور المناسف, تختلط في ذهني بصور الشباب المدفوعين الى ساحات الحرب, وصور لحم الأطفال الغض الذي بات وليمة لفولاذ العابرين الجزارين !!.. ورغم ذلك كل حرب وانتم بخير.
كم هو عظيم الاحساس بمشاعر الفقراء, فهم يحبون رائحة لحم الكبش المشوي، لكنهم قد يحولون صخور الأرض الى جمر اذا غضبوا ممن يشوي اكبادهم لينعم في حظيرة السلطان.
يضحي الفقراء بانفسهم وارواحهم وابنائهم وفلذات اكبادهم, فيما الأغنياء ينصبون مواقد الشواء على ضفاف مسابحهم... انه العيد عند كل منهما يا سادة.
اي نظام مجتمعي وثقافي هذا انقلبت فيه معاني الأعياد ومفاهيمها حتى صارت رغدا للأغنياء والميسورين، عبئا على الفقير وذريته من بعده !؟.
لا يجد الفقراء قرشا أبيضا في ايامهم السوداء، أما المتكسبون من تضحياتهم فكل ايامهم بيضاء، لكنهم يوارون وجوههم بعدسات سوداء. خجلا من لقاء ذوي الضحايا.
قد تشبع البطون, وتهدأ النفس, لكن العقول والنفوس لا تشبع من العدالة والحرية, فليحرص الذين بيدهم الأمر على عدم التفكير بعقلية الجزار الذي يسمن اكباشه للذبح, والسايس الذي يدربها على النطح في الحلبات فقط.
اذا وسعنا الهوة بين اغنياء البلد وفقرائها, واذا استحكمت عقلية المناطحة والمباطحة مكان المناصحة والمصافحة بين الساسة, فان قرون السنوات العجاف ستطيح بهاماتنا.
يعود ابو العيال لبيته برأس كبش لتزفير طنجرة ام العيال, حتى لا ينكسر جناحها, اما الغني الميسور بلا حسد فانه يطير الى بيته بمؤونة لحم تكفيه الى يوم القيامة!!
يصنعون حلويات الفقراء بدهون وزيوت مشتقة من البترول !!.ولما سئل مفتي جائر اجاب : انها الأفضل فهذه تمكنهم من اللحاق بركب السلف الى الجنة.