في العيد دقت ساعة الفرح والاستقلال - د.مازن صافي
يأتي عيد الأضحى المبارك هذا العام حاملا هموم الناس وأوجاعهم وفقدهم للكثير من الأبناء والممتلكات والأمان النفسي والاقتصادي، ويأتي في ظل حصار مشدَّد وعدوان وحشي سافر، وأوضاع اجتماعية مؤلمة، فناهيك عن تداعيات العدوان ومآسيه، فالواقع الفلسطيني مخنوق، ويوجد وارتفاع مخيف في نسبة البطالة بين الشباب وخريجي الجامعات،وكثير من الجوانب باتت معطلة وتنتظر إعادة الاعمار وتطبيق المصالحة الفلسطينية.
ضاعت بهجة العيد بين الركام وفي المقابر وفي الطرقات وفي مآسي الناس .. وحاول البعض أن يفرح فيما كانت الأفراح منقوصة، فهناك في قاع البحر أيضا شهداء ينتظرون أن ينظر لهم العالم بعيون الإنسانية وينتشلون جثثهم ويسلمونها لأهاليهم لكي تطمئن قلوبهم برغم الفاجعة .. وتبقى أماني شعبنا وتطلعاته في الحرية والخلاص من نير الاحتلال وظلمه هدف استراتيجي لا يمكن إلا أن يتحقق وسيستمر النضال الفلسطيني وثورته المشروعة حتى زوال الاحتلال من فوق أرضنا المحتلة .
مناظر مؤلمة وتبكي القلوب وتصمت العقول لها، تلك التي شاهدناها صبيحة يوم العيد، أطفال يبكون إخوانهم أو ذويهم، كبار يتذكرون شباب رحلوا، وقرى كاملة مدمرة وتصلي صلاة العيد على أنقاض بيوت كانت آمنة يسكنها الناس،كارثة لا يمكن تخيلها او رسم معالمها الحالية والمستقبلية أو تداعياتها إن استمر الوضع كما هو الآن .
انعدمت الحركة في شوارع غزة، وتوقف الأسر عن صناعة الكعك ولم تظهر طقوس العيد، وخيّم الحزن في كل مكان .. ولازال في المستشفيات من جرحى العدوان الكثير، وغابت الطمأنينة.
نفهم أن وجه العيد لا يظهر إلا بالفرح، ولكن بحثنا عنهما وحاولنا أن فرح، و مرَّ العيد عابرا في أزقة غزة، وحواريها وقراها وبيوتها المهدمة وتجمعات المشردين، وفي مدارس الإيواء، وعملنا بقدر ما يمكن على تغييب كل المشاعر الحزينة، لأننا نؤمن أن اصطناع التجهم والحزن والكآبة ليس إسلامياً، ولقناعتنا التامة أن أطفالنا الذين عانوا من ويلات العدوان لابد أن يفرحوا وان يتعلموا ثقافة العيد "الفرح"، لكي لا تهزمنا إسرائيل في هذا الجانب، بل تنتصر عليها باستقبال العيد وممارسة طقوسه في أي مستوى كان، والحفاظ على المناسك التي هي عنوان قوتنا.
يأتي العيد وقصيدة الحرية والدولة والعاصمة لم تكتب بعد .. ربما نكتبها نحن أو يكتبها القادمين للغد .. وكما قال السيد الرئيس محمود عباس في كلمته أمام العالم " دقت ساعة استقلال دولة فلسطين، وأعتقد أنكم تسمعون دقاتها " .. وكل عام وانتم بخير وتقبل الله منا ومنكم .