عيد للحرب .. عيد للحزن - حسن الكاشف
لم يكن عيد الفطر سعيداً على الفلسطينيين خصوصاً اهل قطاع غزه، جاء عيد الفطر علينا بعد ان اكملنا شهر رمضان صياماً بطعم القلق والخوف ورعب الاحفاد من اصوات القصف الجوي الاسرائيلي، ومن حكايات الموت الذي اخذ في الانتشار والامتداد على طول المناطق الشرقية لقطاع غزة.
غابت كل مظاهر العيد..عيد الفطر..فلم يتبادل أهل غزه الزيارات والتهاني،..انقضت ايام عيد الفطر بطيئة، مثل كل ايام الحرب الثقيلة، وتواصلت الحرب واستعرت شراسة دموية وقتلاً متعمداً للمدنيين، وباتت قصص ابادة عائلات بأكملها هي الرائجة، وما زاد الامر قهراً ان كثيراً منا لم يتمكن من القيام بواجب العزاء لأقارب وأصدقاء فقدوا الابناء والإخوة، كان هؤلاء يبدون الحرص على اقاربهم واصدقائهم ويطلبون منهم عدم المجيء حتى لا يتعرض احد منهم للخطر على الطرق بين مدن قطاع غزة.
الاكثر ايلاماً وقهراً كان، وسيظل، عدم استطاعة ذوي الشهداء دفن اعزائهم في المقابر خصوصاً المقبرة الشرقية لمدينة غزة لأنها قريبة جداً من خط الحدود الذي تحول الى خط النار، ولم تسلم المقابر من القصف الجوي الاسرائيلي، وكم من قبر اقتلعته قذائف الطائرات ونثرت عظام اصحابه الموتى على بقية القبور!
غاب اطفالنا في عيد الفطر عن الشوارع، وغاب فرحهم، وظلت شوارعنا كئيبة يلفها الخوف والحزن..وظلت خالية من الازدحام المعروف عن شوارع غزة المكتظة بالفلسطينيين الذين اتقنوا حد التعود البقاء والصمود في ظل الحروب الدورية التي لا يوقفها ولا يردعها قانون دولي!
ها هي ايام عيد الاضحى تنقضي، وكل سنة "وانتو سالمين" ايها الفلسطينيون الذين يتعاقب القتل الاسرائيلي عليهم دون ان يموتوا، كان عيد الاضحى عيداً للحزن المؤجل منذ عيد الفطر الذي كان عيداً في الحرب، أراد أهل غزة تعويض ما فاتهم في عيد الفطر، توجه الجميع الى بيوت الشهداء صبيحة اليوم الاول لعيد الاضحى، قدموا واجب العزاء لذوي الشهداء، غابت مظاهر الابتهاج، وظلت اجواء الحرب شاخصة في المدارس المزدحمة بمن فقدوا بيوتهم، وظلت شاخصة في دمار كامل لاجزاء كبيرة من احياء شرق غزة، ودمار متعمد لعمارات سكنية كانت هي الاعلى والاجمل..كانت..(قرب برج الباشا .. بعد المجمع الايطالي بشارع واحد) هكذا كان اهل غزة يدلون على اماكن سكناهم.
لو كان لدينا جمعيات خيرية ذات تقاليد وخبرة في استلام وتوزيع المساعدات لتضاعف ما وصل المحتاجين من لحوم الاضاحي، ولوصل المحتاجين مساعدات يحتاجونها بدل ان يصلهم ما لا يحتاجه الكثير منهم بشهادة ما يبيع المحتاجون من مساعدات عسى ان توفر بعض المال.
لا يتداول اهل غزة اخباراً عن الاعمار الذي يحتاجه قطاع غزة، لا يذكره احد، كأنه لم يعد منتظراً في قريب عاجل أو آجل، ولا يستمع اهل قطاع غزة لمبررات التأخير، وسيصدق أهل غزة ما تراه اعينهم من آليات ثقيلة، ومن اسمنت وحديد وورش ازالة الدمار تمهيداً لانتشار ورش الاعمار.
غداً تصل حكومة الوفاق وتجتمع في غزة، وبعد ايام ينعقد مؤتمر المانحين، كل هذا جيد ولكن، انصح الاخ رئيس الوزراء ألا يسرف في الوعود، فنحن نعلم انه بانتظار اموال طائلة للاعمار، انصحه مخلصاً ان يعد بما يستطيع، سيقبل الناس قولاً صادقاً حتى لو لم يحمل انجازاً قريباً، ننصحه ان يقدم الاحتياجات العاجلة للمواطن على الحاح الفصائل على ما تريده.
لم يعد المواطنون في قطاع غزة قادرين على تحمل مزيد من تقديم الفصائل لمصالحها على احتياجاتهم.
كل سنة وانتو سالمين .