بداية إصلاح خطأ تاريخي - عمر حلمي الغول
اوروبا الغربية ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر بنكبة الشعب العربي الفلسطيني، وبإقامة دولة التطهير العرقي الاسرائيلية عام 1948. وحالت دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة إستنادا للقرار الاممي 181، الصادر في 29 نوفمبر 1947، واسهمت في وقوف ودعم العدوانية الاسرائيلية على شعوب الامة العربية على مدار عقود الصراع الدامية.
وحتى لا يبدو المرء، وكأنه ينكأ جراح التاريخ، ويفتح مرارات لطخت تاريخ الغرب الاوروبي في تمزيق وإضعاف وحدة العرب، وإبقائهم في دائرة المحوطة والتبعية ليوم الدنيا، ونكبة فلسطين، فان الضرورة تملي رؤية النصف الممتلىء في العلاقات العربية الاوروبية، حيث تسعى دول الغرب الاوروبي لتخطي مرحلة سوداء من علاقاتها بالعرب عموما والفلسطينيين خصوصا، ولعل خطوة رئيس وزراء السويد الجديد إستفان اولفين، التي اعلنها مع توليه منصبه الجديد بشأن الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني وبالدولة الفلسطينية إلى جانب إسرائيل.
الموقف السويدي الجديد، الذي جاء متأخرا لدول اوروبا الغربية اكثر من ستة عقود، يشكل بداية مرحلة نوعية في إصلاح الخطأ التاريخي تجاه قضية الشعب العربي الفلسطيني، ومقدمة لانتقال دول الغرب الاوروبي للاعتراف بالدولة الفلسطينية مع ما يحمله هذا التحول الايجابي من إنعكاسات سلبية على دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية. كما يفتح الافق امام اوروبا لفرض عقوبات اقتصادية وديبلوماسية وعسكرية على دولة الابرتهايد الصهيونية.
ورغم الحملة الاسرائيلية على القرار السويدي، والادعاء بان وزارة الخارجية السويدية قدمت توضيح يتضمن تراجعا عما اعلنه رئيس الحكومة. غير ان اولفين نفي ما اشاعته وسائل الاعلام، واكد تمسكه بموقفه تجاه حق تقرير المصير للفلسطينيين، وحقهم في دولة مستقلة.
بالتأكيد الموقف السويدي اعلن عن دعمه لخيار الدولتين على اساس مواصلة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. وهذا ينسجم والرؤية الاوروبية لحل الصراع في المنطقة، وإنصاف الشعب العربي الفلسطيني بعد ان قدم تنازلات استراتيجية فاقت ما حمله قرار التقسيم الاممي 181. وبالتالي لم يكن موقف رئيس حكومة السويد خارج رؤية الشرعية الدولية، بل جاء معمدا لها.
صحيح ان التوجه السويدي النوعي تجاه المسألة الفلسطينية بحاجة الى إزالة اي غموض او التباس شابه لجهة حدود الدولة الفلسطينية وحق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194. لكن هذه الملاحظات لا تؤثر على المنحى الايجابي للموقف السويدي، والذي سيشكل قاطرة للمواقف الاوروبية الغربية، حيث ستشهد المرحلة القادمة اعترافات اوروبية بدولة فلسطين ( مفيد الانتباه هنا، ان دول اوروبا الشرقية جميعها تعترف بدولة فلسطين، وهي جزء من دول الاتحاد الاوروبي ال 28) وهذا ما عكسته جملة تصريحات لممثلي فرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول.
وعلى القيادة الفلسطينية والدول العربية الشقيقة تكثيف الجهود مع الدول الاوروبية الغربية للخروج من نفق الانتظار والاسراع بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، ومطالبتها باصلاح الخطأ التاريخي، الذي وقعت به طيلة ال67 عاما الماضية من الصراع، ولانقاذ المنطقة من الفاشية الصاعدة في إسرائيل لحماية السلم الاقليمي والعالمي.