بعض التاريخ - حافظ البرغوثي
الدولة الصفوية في العراق.. الدولة العثمانية في تركيا.. الصفويون يتمددون رويداً في اليمن وفي لبنان وسوريا، وليس ثمة تشكيل عربي لمواجهة هذا أو ذاك، قانصوه الغوري في مصر حاول مواجهة سليم الأول فحشد له الأخير جيشاً عرمرمياً لاحتلال سوريا، لم تكن علاقات الغوري مع اسماعيل الصفوي جيدة، حيث تبادلا الحرب شعراً فأرسل الصفوي الى الغوري بيتي شعر يتهكم فيهما عليه لأن الغوري كان يهتم بالأدب وزراعة الأشجار والرياحين، وأرفق بالبيتين رأس قائد التتر إزبك الذي هزمه الصفوي ويقول البيتان:
السيف والخنجر ريحاننا على النرجس والآس
مدامنا من دم أعدائنا وكأسنا جمجمة الرأس
فاستعان الغوري بالشاعر صفي الدين الحلي وأرسل للصفوري بيتي شعر يقولان:
ولي فرس للخير بالخير ملجم ولي فرس للشر بالشر مسرج
فمن رام تقويمي فإني مقوم ورام تعويجي فإني معوج
يحسب لقانصوه الغوري الشركسي الأصل انه حارب البرتغاليين بعد اكتشافهم رأس الرجاء الصالح وهزمهم في البحر تلبية لنداء من مسلمي الهند، وواجه طموحات سليم الأول وواجهه بجيش في مرج دابق، لكن سليم كان اشترى ذمم البدو في شمال سوريا ووالي دمشق خير بك الذي انحاز الى سليم وكان يقود ميسرة جيش الغوري، وأشرك الغوري في جيشه جنوداً من بلاد الشام اضافة الى جيش مصر لكن عددهم كان أقل من نصف عدد جيش سليم الأول.
ومع ذلك كاد قانصوه الغوري يهزم العثمانيين حتى فكر سليم في الاستسلام، لكن خيانة خير بك غيرت نتيجة المعركة وقتل الغوري فيها، ولم يعثر له على جسد فيقال انه كان أمر قبل ذلك بمن يقطع رأسه اذا هزم حتى لا يتعرف عليه الأتراك ويطوفون البلاد برأسه.
قبل هزيمة الغوري كان العثمانيون قد فتحوا القسطنطينية في عام 1492، واكتشف الاسبان قارة أميركا في العام نفسه وقبلها سقطت غرناطة آخر قلاع العرب في الأندلس ودب الطاعون في مصر آنذاك في السنة نفسها، ومات الكثيرون.
الآن ثمة ما يشبه الصفويين في العراق وايران وثمة من يشبه العثمانيين على تخوم سوريا، ولكن ليس ثمة غوري يقاتل هؤلاء باستثناء داعش التي تطرح نفسها في مواجهة كل ذلك، وتتحدث عن نبوءة دابق، حيث يلتقي جيش المسلمين مع الروم في مرج دابق طبقاً لحديث نبوي عن معركة بين المسلمين والروم تؤدي الى فتح القسطنطينية وظهور الأعور الدجال ثم المسيح المنتظر ضد الدجال وهكذا.
شخصياً لا أتوقع ظهور المسيح المنتظر الآن لأن هناك عشرات الدجالين وليس واحداً فقط.