الرسالة الاميركية للمؤتمر - عمر حلمي الغول
اليوم الاحد الموافق 12 تشرين اول/ اكتوبر ينعقد مؤتمر إعادة الاعمار لما دمرته حروب إسرائيل الثلاثة، وخاصة الاخيرة، التي احدثت زلزالا غير مسبوق في محافظات الجنوب خلال الواحد وخمسين يوما زمن الحرب الوحشية. الحرب التي القت بما يزيد عن خمسين الف طن من المتفجرات والاسلحة الجرثومية والفسفورية الممنوعة دوليا، بمعدل الف طن يوميا على الاقل، ودمرت ما يزيد على ثلاثين الف منزل بين تدمير جزئي وكلي، والقت بما يزيد مائة وخمسين الف مواطن إلى العراء، واختطفت ارواح حوالي 2500 مواطن من الاطفال والنساء والشيوخ جلهم، وما يزيد على عشرة الاف جريح.
جاء المؤتمر بدعوة مصرية نروجية وفلسطينية، ويدير الجلسات سبع دول ومنظمات اممية اساسية مثل الامم المتحدة والبنك وصندوق النقد الدولي وغيرها، ويحضره ثمانون دولة ومنظمة اممية، ويشارك فيه ثلاثون وزير خارجية بما فيها جون كيري، وزير خارجية الولايات المتحدة، وباقي وزراء خارجية اقطاب الرباعية لشعور دول العالم، ان دولة التطهير العرقي الاسرائيلية إرتكبت ابشع جرائم العصر ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني، او كما وصفها الرئيس ابو مازن في كلمته في الامم المتحدة: إنها حرب إبادة.
مؤتمر إعادة الاعمار المنعقد اليوم في القاهرة، لم يكن الاول، الذي يعقد من اجل هذه الغاية، فقد عقد في آذار / مارس 2009 مؤتمرا في شرم الشيخ المصرية، وقرر رصد ما يزيد على الاربعة ونصف مليار دولار لاعادة إعمار ما دمرته حرب إسرائيل نهاية 2008 ومطلع 2009 في قطاع غزة، غير ان سياسات حركة حماس حالت دون تنفيذ الاعمار آنذاك، مع انه وصل من المبلغ المرصود مليار وثمانمئة مليون.
ووفق تقديرات حكومة التوافق الوطني لنتائج حرب الابادة الاسرائيلية، فإن المبلغ المطلوب لاعادة الاعمار يصل إلى اربعة مليارات دولار اميركي، وتراهن القيادة الفلسطينية على تكفل الدول المشاركة بالمؤتمر بتأمين المبلغ المرصود. لكن الولايات المتحدة الاميركية، ارسلت رسالة واضحة للفلسطينيين جميعا وللدول المشاركة على حد سواء، اولا للفلسطينيين، ان لا يتفاءلوا كثيرا بالحصول على المبلغ المئكور؛ وثانيا للدول المشاركة، ان تقلص للحد الاقصى من إستعداداتها بالالتزام تجاه إعادة الاعمار. وكأن الادارة الاميركية، تريد ان تعاقب القيادةعلى خيارها بالتوجه لمجلس الامن لمطالبة الشرعية الدولية بتحمل مسؤولياتها لازالة الاحتلال الاسرائيلي عن اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967، وايضا للي ذراعها فيما لو حاولت التوجه للانضمام للمنظمات الاممية ال522 بما فيها معاهدة روما.
كما ان إدارة اوباما تريد ان تشير بشكل غير مباشر، ان الجهد الاساسي الان منصب على "مواجهة داعش"، وبالتالي الاموال العربية والاممية يفترض ان تتجه لتمويل حرب اميركا على ما يسمى "داعش" وغيرها من المنظمات التكفيرية، التي أصلت لوجودها في المنطقة بهدف تمزيقها وشرذمة دولها، تنفيذا لمخططها الشرق اوسطي الجديد.
ومن زاوية اخرى، تريد ان تعفي نفسها وحليفتها الاستراتيجية دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية من تحمل المسؤولية عما اصاب مدن وبلدات وقرى محافظات الجنوب الفلسطينية من دمار وخراب متعمد ومنهجي. لا سيما وانها تتحمل مسؤولية مباشرة عما جرى، لانها تواطأت مع القيادة الاسرائيلية، ولم تستخدم نفوذها لوقف جرائم الحرب الاسرائيلية، ولم تسمح للشرعية الدولية وخاصة مجلس الامن من اتخاذ قرار اممي ملزم بوقف الحرب على قطاع غزة. وبالتالي بدل ان تطالب مع باقي الدول والاقطاب دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية من تحمل كافة تكاليف عملية اعادة الاعمار، تعمل على الحد من التزامات دول العالم المطلوبة منها تجاه عملية الاعمار، والتغطية على إسرائيل في آن.
مع ذلك يبقى الرهان على الاشقاء والاصدقاء على الالتزام بما يحتاجه إعادة إعمار قطاع غزة، والحؤول دون قيام إسرائيل الارهابية باية حروب جديدة، ورفع الصوت مقرون بعقوبات شتى إن لم تنسحب إسرائيل من اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 بما فيها العاصمة القدس الشرقية. لان ازالة الاحتلال، هو الحل الامثل لوقف الحروب ودورة الارهاب والعنف الاسرائيلي.