الحق على أبو مازن! د. صبري صيدم
ما قاله وزير الأمن الاسرائيلي موشيه يعلون قبل يومين لخص المشهد السياسي الحقيقي الذي تؤيده حكومة الاحتلال وتسعى إليه في كل تحركاتها رغم محاولاتها التجميلية المعتادة والادعاء باهتمامها بالسلام المزعوم.
يعلون لا يرى حقاً للفلسطينيين في دولة على حدود الرابع من حزيران بل حكماً ذاتياً لمنطقة محدودة ومنزوعة السلاح ومحرومة من السيطرة على أرضها وأجوائها. ولا يرى يعلون أيضاً حاجة لإنهاء الصراع وإنما لإدارته بحيث لا يكون للفلسطينيين سوى حق إدارة مناطقهم عبر حكم ذاتي قد يسمونه دولة أو حتى إمبراطورية على حد زعمه.
الإمبراطور يعلون لا يؤمن بتجميد الاستيطان بل يعتبر أن ما يجري من تأخير في تنفيذ بعض التوسعات الاستيطانية إنما هو تعطيل مؤقت لأمر محقق نظراً لحساسية الموقف الدولي. يضيف إلى ذلك بأن الحديث الفلسطيني عن المطار والميناء ليس إلا حلماً خيالياً غير قابل للتنفيذ.
لهذا يكون يعلون قد شطب بكلامه الدولة الفلسطينية وقرارات الشرعية الدولية وحقوق السيادة الفلسطينية ومقوماتها من مطار وميناء وإعمار.
لذا فإن الفلسطيني وحسب ما يريده يعلون يجب أن يتنازل عن الدولة والقدس وحق العودة والسيادة على الجغرافيا والأجواء وأن يقبل بالمستوطنات التي لن تتجمد إضافة إلى القبول بيهودية الدولة، كل هذا يجب وحسب يعلون أن يرفده الفلسطينيون أيضاً بالقبول بالأمر الواقع وحماية أمن الاحتلال، وهو بالتالي يبحث عن خونة وعملاء ومستسلمين ومتهاونين ومنبطحين يقبلون بالذل والهوان ويقابلانه بحماية المحتل واستدامة احتلاله!
المهزلة الأكبر كانت عندما قرر يعلون الهجوم على الرئيس الفلسطيني بصورة أضحكتني والسبب ليس ما اعتدنا أن نسمعه منه وقتامة تبعات ونتائج أحلامه في حال تطبيقها بل لطريقة الطرح التي يدين فيها رئيس السلطة الوطنية باعتباره مقصراً في مراعاة جلادي الشعب الفلسطيني وخدمة توجهاتهم!
فيعلون يعود للأسطوانة القديمة التي ساقها خلال عهد الرئيس أبو عمار باعتبار أبو مازن ليس شريكاً كونه لم يقل ذات يوم بأنه يعترف بإسرائيل دولة يهودية، ولم يقل بأن الحصول على حدود الرابع من حزيران سيعني إنهاء الصراع، كما لم يقل أبو مازن وحسب زعم يعلون أيضاً بأنه يقر بالتنازل عن حق العودة!
كل ذلك رأى فيه يعلون أن أبو مازن ليس شريكاً سوى في النقاش وإدارة الصراع بينما هو (أي أبو مازن) وبالحقيقة وحسب زعمه يبحث عن تدمير إسرائيل.
هنا وفي غمرة السخرية بما يقوله الإمبراطور الصغير يعلون والذي يعكس أوضح الأدلة على رؤية الحكومة الإسرائيلية وأهدافها الحقيقية تحضرني المقولة العربية الشائعة: "ضربني وبكى وسبقني واشتكى"!
يعلون يتوقع من قراء لقائه البائس أن يقولوا: 'له يا أبو مازن! كيف لك أن تفعل كل ذلك بإسرائيل؟ الحق أكيد عليك!
الرد على كل خزعبلات أمراء الحرب الصهاينة أمثال يعلون جاء من لندن مؤخراً بمصادقة مجلس العموم على الاعتراف بفلسطين ليدفع حتى حلفاء إسرائيل السابقين أن يقولوا: "في كل يوم يمر تبتعد إسرائيل عن العالم!" وهنا نقول ان يعلون ومن على شاكلته لم يبتعدوا عن العالم فحسب وإنما باتوا يعيشون في كوكبٍ آخر!