المصداقية والضمانات وإعادة الاعمار - د.مازن صافي
منذ أن توقيع اتفاقية أوسلو بدا الكيان الفلسطيني في تجهيز مؤسساته ودستوره على طريق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، ولكن وفي نفس الوقت استمرت (إسرائيل) في حصار الكيان السياسي الفلسطيني، وإجهاض أي جهود نحو إنجاح اتفاقية أوسلو التي لم تحظي برضا الكل الفلسطيني وعملت منظمة التحرير الفلسطينية على تحمل كل ذلك والالتزام بالمطلوب منها، وبقيت (إسرائيل) تتنصل من كل الالتزامات المطلوبة منها،حتى قامت بتهيئة كل الظروف لحدوث الانفجار الكثير واندلاع انتفاضة الأقصى التي غيرت كثيرا من وجه العمل الفلسطيني السياسي ليتحول جزء منه إلى عمل عسكري، واتخذته (إسرائيل) ذريعة لإنهاء الكيان السياسي الفلسطيني واغتيال زعيم الفلسطينيين الشهيد ابوعمار، وكذلك اغتيال قيادة الفصائل الفلسطينية السياسية والعسكرية.
اليوم وبعد عشرين عاما من هذا السيناريو، تدخل مرحلة إعادة الاعمار مرحلة التجهيز، فمن ناحية يراد ان يتم معالجة آثار الكارثة الإنسانية والبيئية التي عملت (اسرائيل) على التسبب بها وبل الحاق الأذى والتدمير الشامل في كل ما يتعلق بالحياة الفلسطينية في قطاع غزة، واستمرار تهديدها للكيان السياسي الفلسطيني، وهدم أي وسيلة إعادة إعمار "عملية السلام، وهنا يبرز لنا مشهد يريده العالم وخاصة امريكا وهو ربط إعادة الاعمار في قطاع غزة، مع إعادة الإعمار السياسي بمواصلة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، وكأن الأمر عبارة عن "اشتراطات" ولكن في كل الأحوال لا يوجد أي "ضمانات" تمنع عودة (اسرائيل) لهدم مراحل إعادة الاعمار البنياني والسياسي.
لهذا كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس واضحا في وضع النقاط على الحروف، في خطابه الأخير في الأمم المتحدة وفي مؤتمر إعادة الإعمار، وتذليل كل العقبات من أجل عقلد حكومة التوافق برئاسة رئيس الوزراء د.رامي الحمدالله وكامل اركان حكومته لجلسة الحكومة في قطاع غزة.
فــ"اسرائيل" هي من خططت وقامت بعمليات الابادة ضد السكان الفلسطينين، وهي في نفس الوقت من قامت بإعدام المفاوضات والتنصل من الالتزامات بإنهاء عملية تحرير الاسرى القدامي، وكذلك هي من تقوم بتهديد القيادة الفلسطينية، وتحريض العالم ضدها، من اجل استمرارها في عنجهيتها واسلوبها العدائي وتنكرها للحق الفلسطيني .
لذلك مطلوب من المجتمع الدولي ممارسة صلاحياته الانسانية والقانونية واجبار (اسرائيل) على الانصياع للقانون الدولي والاتفاقيات ذات الصلة، وألا تستمر معادلات الانحياز السافر للاحتلال ومحاباته وعدم فضح ممارساته الاجرامية، وهذا فقط ما يمكن ان يساعد في عملية نجاح إعادة الاعمار وتحقيق المصداقية المطلوبة من الدول المانحة، و المجتمع الدولي.
إن فقدان المصداقية والضمانات يعني ضياع الخمسة مليارت ونصف المليار دولار، وعودة المأساة الإنسانية والكارثة البيئية في أي وقت، وتهديد الكيان السياسي الفلسطيني الحالي، ومنع انتقاله الى كيان الدولة الفلسطينية وعاصمته القدس وتمكين الشعب الفلسطيني من العودة وتقرير المصير والحياة الكريمة والامنئة وتحقيق عوامل السيادة في ارضه وف سمائه وفي بحره .