خيانة اليرموك.. وجريمة النكبة الثانية !
هل بات استدراج المصائب للشعب الفلسطيني جزءا من عقلية التنافس على الفوز بتمثيلهم ؟! ولا نعرف ماهية ركائز منطق المتنافسين القائم كما يبدو على زيادة رقم أسماء الضحايا الفلسطينيين في قائمة الموت والدمار !.
يتجرد المناضل والقائد الحقيقي من نزعته الشخصية, ويعمل على احياء آمال الآخرين, وتعزيز حبهم للحياة بكرامة وحرية حتى ولو على حساب حريته او حياته الشخصية، اما الذين يستخدمون القضية شعارا للاستتار, ويزجون ببعض شباب الشعب الفلسطيني في اتون صراعات داخلية, او ميادين صراعات في اقطار عربية, ويوظفون الدم الفلسطيني لحسابات مستثمرين كبار متعددي الجنسيات فان خطر هؤلاء على القضية الفلسطينية يفوق خطر المشروع الصهيوني الاحتلالي الاستيطاني, فهذا الأخير لم ينجح حتى اللحظة على الأقل في نزع فكرة وحق العودة من ذاكرة الفلسطينيين, فيما يسجل المتورطون حتى النخاع في مؤامرة تبديد والغاء حق العودة نجاحات علينا ادراك مخاطرها قبل فوات الأوان، ولنا في مأساة مئات آلاف الفلسطينيين في المخيمات بسوريا عموما ومخيم دمشق تحديدا, مثالا على ما ذكرنا, فما يحدث من هجرة اللاجئين الفلسطينيين واستدراج التدمير للمخيمات, ومحاولات زج الفلسطينيين في الصراع الداخلي بسوريا, رغم منهج القيادة الفلسطينية الواضح والثابت بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية, وتأكيدها على وحدة أراضي سوريا وشعبها, واحترامها لخيارات الشعب العربي السوري, ما يحدث هو في الحقيقة وحسب البيّنات عمل خياني للقضية الفلسطينية ومصالح الشعب الفلسطيني العليا وحقوقه الثابتة, وجاسوسي لدولة الاحتلال بامتياز، خاصة بعد ثبوت مشاركة عملاء معروفين بالاسم في تقديم تسهيلات مغرية للمضطرين للهجرة تحت تأثير القصف والرعب وانعدام فرص العمل, من بيوتهم في المخيمات في دول عربية مجاورة لوطنهم فلسطين، ففي هذه البيوت المريحة, او المتواضعة, او التي لا تصلح لسكن آدمي زرعوا آمالهم بالعودة الى الوطن, ليحصدوها عندما تدق ساعة انجاز الاستقلال, والاعتراف بحقوقهم وتجسيمها حسب قرارات الشرعية الدولية.
يجب وضع ألف علامة استفهام, ومساءلة أي فرد او مجموعة من فصيل ينتمي لمنظمة التحرير الفلسطينية سمح لنفسه بالخروج على مبادئ العلاقة بين الشعب الفلسطيني والدول العربية المضيفة، حتى الفصائل غير المنضوية تحت سقف منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني, فان انخراطها في الصراعات العربية الداخلية صغر شأنه او كبر, يجب ان تعلم أنها تمارس ( فعلا اجراميا ) يرفضه الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية باعتباره مساسا بسيادة دولة عربية شقيقة, وخيانيا باعتباره التقاء عن سابق تصميم وترصد بغايات ومخططات دولة الاحتلال الهادفة لالغاء حق العودة.
لنقرأ مأساة ابناء شعبنا في مخيم اليرموك على قاعدة ان المعاناة خارج الوطن اشد وطأة وأثقل على النفس من المواطن على أرضه ووطنه ! ففي هذا المخيم الذي كان يعتبر من اهم اربعة مراكز اقتصادية في سوريا لم يبق الا 12000 وخمسمئة لاجئ فلسطيني من اصل 160000, فقد هاجر معظمهم الى لبنان ومصر واوروبا وتركيا, فيما استشهد بعضهم في البحر غرقا فيما هو يطلب الحياة الكريمة في أي مكان بالعالم, فيما حصد نيران اسلحة المتصارعين اكثر من 2200 فلسطيني وما يقارب 2100 معتقل ومفقود !. حتى الذين بقوا في بيوتهم بالمخيمات رغم الدمار الهائل الذي حل به الا ان معظمهم فقد مصدر رزقه, نظرا لتدمير المنشآت الصناعية للقطاعين العام والخاص في ريف دمشق حيث كان يعمل حوالي 80% من سكان المخيم وهم من ذوي الدخل المحدود اصلا.ما يعني أن اللاجئين في سوريا قد اصبحوا في ( عين العاصفة ) بعد تمتعهم خلال عقود طويلة بفرص عمل كالتي يتمتع بها المواطنون السوريون !.فيما انعدمت الوسائل التقليدية لتوليد الكهرباء واستخراج المياه الجوفية, في ظل ندرة الوقود الخاص للوسائل البديلة
يجب ان يعلم الشعب الفلسطيني، ويعرف المتسببون بالنكبة الثانية للاجئين الفلسطينيين في سوريا والتي قد تمتد الى لبنان اذا لم يوضع حد سريع لتسلل جماعات ومجموعات معنية بتحقيق الهدف ذاته الذي حققته في مخيم اليرموك في مخيمات لبنان.
قد لا يتاح لنا الندم ان لم نسارع الى نصب محاكم التاريخ فورا, لمحاكمة (فلسطينيين ) سمحوا لأنفسهم ان يكونوا مجرد مستخدمين وأدوات, تسببت صواريخهم بجزء لا يستهان به من الدمار الذي حل بالمخيم وتحديدا في المنطقة الشمالية منه الأقرب الى دمشق العاصمة, خاصة وأن مسؤولين سوريين باتوا يدركون ضلوع بعض اتباعهم من فصيل او مجموعات فلسطينية منشقة عن فصائل منظمة التحرير في تعقيد الوضع الأمني في المخيم.
قد نستطيع الحفاظ على من بقي, واستعادة المهاجرين الى دول قريبة, مع حلول السلام على ارض سوريا, لكن من سيضمن عودة الذين وصلوا الى اوروبا, لرعاية املهم بالعودة الى الوطن الأم من جديد؟!..فما يحدث خيانة لأمل العودة من اليرموك الى فلسطين, وجريمة ليست اقل من مستوى المجرمين الذين تسببوا لنا بالنكبة الأولى, ان لم تكن افظع منها.
رئيس تحرير مفوضية الاعلام والثقافة