الذريعة ... الصناعة الاسرائيلية الاولى
تذرعت اسرائيل قبل ثلاثة شهور، باختطاف المستوطنين الثلاثة، فشنت حربها الضروس لواحد وخمسين يوما ضد غزة، وكانت هذه الحرب معدة أساسا ضد الضفة، بوصفها الجغرافيا المركزية للدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، أو بتعبير أدق هنا، بوصفها جغرافيا القاعدة المركزية السياسية والطبيعية للمشروع الوطني الفلسطيني، غير ان جريمة قتل الفتى محمد أبو خضير بحرقه وهو حي، جعلت اسرائيل تهرب كعادتها الى الأمام وبالوسيلة الوحيدة التي تعرفها وهي الحرب، لتشنها ضد غزة وبعنف لم يسبق له مثيل..!!
لم تحقق اسرائيل، ودائما هي اسرائيل اليمين المتطرف هنا، شيئا سياسيا لافتا من وراء هذه الحرب، وخاصة ضد جغرافيا القاعدة المركزية للمشروع الوطني وخطابها السياسي وهجومه الذي بات منتجا على الصعيد الدولي ونحو ضرورة إنهاء الاحتلال وفق سقف زمني محدد، وبالتوجه الى مجلس الأمن دون تردد ولا تراجع.
ومرة اخرى تعود اسرائيل الى خيار الهروب الى الأمام وافتعال الأزمات وتصعيد العنف وهذه المرة في بؤرة جغرافيا المشروع الوطني الفلسطيني، القدس الشرقية فقامت بتتظيم اقتحامات المستوطنين للأقصى في الوقت الذي اعلنت فيه عن مشاريع استيطانية جديدة في المدينة المقدسة، ومرة اخرى ذهبت الى ما تحسن من تخليق الذريعة فاعتبرت الحادث المروري الذي ارتكبه الشهيد الشلودي عملية ارهابية (...!!) لتذهب الى تصعيد أعنف، فيما يشبه مطلع حرب ضروس اخرى وهذه المرة ضد القدس وأهلها.
لا تريد اسرائيل سوى ان تواصل ضرب المشروع الوطني الفلسطيني، وهي تتوهم اليوم انها بهذا التصعيد في القدس، ستنال منه ومن هجوم فعله السياسي الذاهب بعد قليل الى مجلس الأمن الدولي.
وبمعنى آخر التصعيد الاسرائيلي الراهن، لا يسعى لغير أهداف اليمين الاسرائيلي المتطرف ذاتها في الاستيطان والاستحواذ وقتل مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة.
ولعله لافتا ان تذهب الجماعات التي تدعي انها لنصرة بيت المقدس، في مثل هذا التوقيت الى ضرب الجيش المصري في سيناء، والمعركة تحتدم في القدس!! ولافتا لا تعني هنا، سوى ان الأمور هذه ما زالت تدبر في ليل الدوائر المخابراتية المعادية لكل مشروع وطني، ولهذا يعلن الرئيس أبو مازن اننا مع مصر في أي اجراء تتخذه لمحاربة هذا الارهاب، وسنكون كذلك دائما، لا دفاعا عن مصر الشقيقة الكبرى فقط وانما دفاعا عن مشروعنا الوطني، الذي عادت الوطنية المصرية بقيادتها التاريخية الجديدة تشكل حصنه الأصلب والأقوى.
الارهاب واسرائيل اليمين المتطرف لا يريدان غير رأس الحركة الوطنية ومشروعها، هنا وفي مصر، لكنها بالطبع معركة الارادات، ولطالما كانت ارادتنا عصية على الكسر والهزيمة، بل ان انتصار الوطنية في مصر العزيزة، سيجعل هذه الارادة لا أكثر صلابة فحسب بل واقرب الى الانتصار، أقرب الى الدولة وساعة استقلالها تدق في كل مكان.
رئيس تحرير الحياة الجديدة