القدس في مجلس الامن
في مطلع ترؤسه لاجتماع اللجنة العليا للقدس مساء أمس الاول بمقر الرئاسة، شدد الرئيس ابو مازن واوضح بكلمات لا لبس فيها: ان خطورة الاجراءات الاستيطانية والانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة ضد القدس المحتلة، إنما تكمن وهي تتواصل على نحو ممنهج، في انها تهدد ابسط أشكال الاستقرار في المنطقة، بل وتدفع نحو تأزيم الوضع فيها، لتدفع بدوامة العنف التي لن تعرف نتائجها الى مزيد من التصاعد، خاصة اذا ما واصلت حركتها التدميرية في الاتجاهات المختلفة .
هذا عدا عن أنها انتهاكات واجراءات تستهدف التاريخ وأهله، بمحاولتها تغيير طابع المدينة المقدسة، الفلسطيني والعربي وحتى الانساني، وهي تريد قدسا “ لهيكل “ لم تثبت أي من الحفريات الاركيولوجية حتى الاسرائيلية وجودا له ..!! وبمعنى اخر يحاول الاحتلال الاسرائيلي وبالاستيطان تحديدا إقصاء التاريخ وأهله الفلسطينيين والعرب، من مدينتهم المقدسة التي هي جذوة الروح فيهم وسجادة صلاتهم المباركة.
إن تحذيرات الرئيس ابو مازن وتنبيهاته هذه في اجتماع اللجنة العليا للقدس، للعالم اجمع، إنه حس المسؤولية التاريخية والانسانية قبل اي شيء، فالقدس ليست مجرد مدينة من مدن هذا العالم، انها ايقونة المدن كلها، بما تحمل من دروب السماوات، وقباب الصلاة، ومواضع القيامة، بمآذنها واجراس كنائسها .
انها مدينة العقائد السماوية باركها الله وما حولها، قدسها لتنعم البشرية كلها بهذه القداسة، من اجل ان تبجلها بالمحبة والسلام، لا بالحرب والعنف والعدوان، لهذا دعا الرئيس ابو مازن مجلس الامن لعقد جلسة طارئة لعله يبجل مدينة النور السماوي بقرار يوقف الاستيطان الاسرائيلي الاستحواذي، وسياسة العنف والغطرسة الاسرائيلية، التي ما زالت تشق المزيد من دروب الآلام في المدينة المقدسة .
لكنها موازين القوى الظالمة ، نعرف ذلك وقرار من هذا النوع ما زال رهن التطلع، ورهن تلك الصحوة الاخلاقية الكبرى، ولأننا واقعيون بالمعنى العملي والسياسي للكلمة، فأننا نرى في البيان الصحفي الصادر عن مجلس الامن بعد جلسته الطارئة، موقفا له منا التقدير والاحترام، من حيث انه يشكل رسالة لاسرائيل ان القدس قد وصلت الى مجلس الامن بكل همومها وجراحاتها ومعاناتها، فإن لم يصدر هذا المجلس اليوم قرارا ملزما، فإن الغد مفتوح على كل الاحتمالات خاصة اذا ما واصلت اسرائيل تعنتها واجراءاتها الاستيطانية والتعسفية.
لسنا واهمين هنا، بل نحن من المؤمنين بحقيقة وأهمية واقعية الكم وتراكمه النوعي لخطوات واقتحامات الفعل السياسي في هذا الاطار، وبالقطع فان الهدف الفلسطيني في توجهه الى مجلس الامن استهدف اولا ردع الحكومة الاسرائيلية من مواصلة سياسة العنف والاستيطان في القدس المحتلة، السياسة التي اصبح واضحا انها تستهدف فرض امر واقع في المدينة المقدسة ما ينسف على نحو قصدي مع سبق الاصرار والترصد فرصة السلام التي نقول انها حتى الان ممكنة، وممكنة اذا ما تحمل المجتمع الدولي، عبر اطره الشرعية، مسؤوليته بصورة فاعلة، تضع حدا للاحتلال في اطار زمني محدد.
لم يعد ممكنا ان تتواصل هذه السياسة التدميرية، دون ملاحقة دولية، ولا بد ان ينتهي زمن البيانات العامة والاستنكارات البلاغية، لهذا ذهبنا الى مجلس الامن اليوم، وسنقبل بيانه الصحفي لأننا نريده في الايام المقبلة قرارا، وهذا ما تعمل القيادة الفلسطينية عليه وما تسعى لتحقيقه، وهجومها السياسي بات يعلو مع كل خطوة من دقات ساعة الاستقلال الفلسطينية.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير