السويد .. شكرا جزيلا
كان من المفترض ان نكتب هذه الكلمة الخميس الماضي، لتكون في صبيحة الجمعة، غير ان صبيحة الجمعة ليست للقراءة، بل لكسل العطلة التي يطول فيها نوم الضحى، ولأن قرار مملكة السويد الاعتراف بدولة فلسطين، قرار تاريخي بكل ما في الكلمة من معنى، فانه يستحق منا اشادة استثنائية، نراها ممكنة ومرضية حين نسجلها مع انتباهة العمل ونشاطه في مطلعه الاسبوعي.
السويد ثالث أكبر دولة في الاتحاد الاوروبي، كما انها تحتل المرتبة الاولى في العالم في مؤشر "الايكونوميست" للديمقراطية، والسابعة في مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية، وهي عضو في الاتحاد الاوروبي منذ عام 1995 مثلما هي عضو في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وللسويد إرث من الملاحم البطولية في النضال ضد الظلم، وفي نصرة الشعوب المظلومة، وارث مفعم بالتطلع الحضاري، دون بعضه على حجارة يونانية، نعني، السويد بلد ضارب الجذور في التاريخ والحضارة، ويذكر التاريخ انها سعت مبكرا للتقدم الثقافي، وكانت السويد من اولى الدول الاوروبية التي وقفت ضد نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا، ونتذكر هنا في هذا السياق، رئيس الوزراء السويدي "اولف بالمة" الذي كان من أشد المناهضين لهذا النظام، والذي قيل بأنه اغتيل بسبب موقفه هذا عام 1986، ونتذكر "بالمة" وفي قلوبنا ما زالت غصة الألم على رحيله الفجائعي، وذلك لأنه كان ذلك الصديق الصدوق لفلسطين ولياسر عرفات والذي بلور واتخذ مبكرا أكثر المواقف الاوروبية تأييدا لفلسطين وقضيتها، وهذا يعني ان العلاقات الفلسطينية السويدية علاقات وطيدة وتاريخية وحميمة.
والسويد مملكة المواقف السيادية المستقلة، وقبل ان تتخذ قرارها التاريخي الاعتراف بدولة فلسطين، تعرضت لضغوط عدة، لكي لا تقدم على مثل هذا الاعتراف، غير ان وزيرة الخارجية، السيدة "مارغوت فالستروم" قالت وبموقف واضح: ان واشنطن لا تقرر سياستنا الخارجية، وحين سئلت بعد صدور قرار الاعتراف، إن كانت السويد تعجلت بمثل هذا القرار اجابت على العكس قد تأخرنا كثيرا، والأهم وبقول فصل اوضحت "السيدة" (ان قرار الحكومة السويدية الاعتراف بدولة فلسطين، خطوة مهمة تؤكد حق الفلسطينيين في تقرير المصير، وان الحكومة تعتبر ان معايير القانون الدولي للاعتراف بدولة فلسطين قد استوفيت، وآمل ان يدل ذلك الآخرين على الطريق).
ومع السيدة "فالستروم" نقول ونتطلع، ان يمضي الآخرون من اصدقائنا في العالم أجمع، على هذه الطريق التي سلكتها السويد، بمثل هذا الموقف الذي لا يعد موقفا سياسيا فاعلا وتاريخيا فحسب، وانما هو موقف اخلاقي وحضاري بامتياز، وهو يدل على طريق الحق الذي هو طريق فلسطين لطالما ظلت تعاني من باطل الاحتلال وعسفه العنصري البغيض.
شكرا للسويد مملكة وحكومة وأحزابا وشعبا، شكرا بعرفان ينبض بالمحبة والتقدير الذي سنرفعه الى أعلى مقامات الذاكرة الفلسطينية، ونسجله في ابهى صفحات تاريخنا النضالي، كموقف مقاوم للظلم والتمييز العنصري، وقد جاء في لحظته المطلوبة، خاصة والقدس المحتلة تواجه وتقاوم خطط الاحتلال الاسرائيلي الاستيطانية وسياساته التعسفية العنيفة.
شكراً وألف شكر
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير